المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

170

وحدة وجود الموضوع وتعدده خارجاً، فإذا تعدّد وجود الموضوع خارجاً تعدّد المجعول لا محالة، وأيّ مانع من فرض كون أحد الموضوعين في طول المجعول الآخر، فيتحقّق مجعولان طوليّان من دون فرض اتّحاد بينهما؟!

التقريب الثاني: أنّ الجعل في المقام واحد ـ حسب الفرض ـ على موضوع واحد، وهذا الموضوع إمّا أن اُخذ فيه الشكّ في الحكم أو لم يؤخذ، فعلى الأوّل كان الحكم ظاهرياً، وعلى الثاني كان واقعياً، والجمع بينهما جمع بين النقيضين.

ولا يخفى أنّ كلام المحقّق الخراساني(رحمه الله) كان مساوقاً ـ على ما عرفت ـ لفرض الإطلاق جمعاً بين القيود، فالإطلاق يشمل حالة الشكّ وحالة تحقّق الموضوع بلا شكّ، لا بمعنى رفض القيدين، بل بمعنى دخل كلّ واحد من القيدين، وجعل الإطلاق جمعاً بين القيود يرد عليه إشكالان:

1 ـ الإشكال الإثباتي، وهو أنّ الإطلاق إنّما يفيد رفض القيود لا جمعها.

2 ـ الإشكال الثبوتي، وهو أنّ الجمع بين القيود بهذا النحو مساوق لتعدّد الموضوع، والجمع بين تعدّد الموضوع ووحدة الجعل والحكم تهافت.

فإن كان المقصود بالإيراد الأوّل الذي مضى على المحقّق الخراساني(رحمه الله) من أنّ الإطلاق إنما هو رفض القيود لا جمعها خصوص الإشكال الإثباتي، فمن يقصد ذلك من حقّه أن يورد هنا هذا الإشكال، ويكون ناظراً إلى الإشكال الثبوتي، وإن كان المقصود بالإيراد الأوّل بطلان كون الإطلاق جمعاً بين القيود ثبوتاً وإثباتاً، فهنا لا يمكن لمن قصد ذلك أن يورد إشكالاً جديداً على المحقّق الخراساني(رحمه الله)؛ لأنّه بعد فرض التسليم بما وقع فيه المحقّق الخراساني من التهافت، وفرض تعدّد الموضوع بالرغم من وحدة الجعل لا يرد إشكال: أنّ الجمع بين فرض دخل الشكّ وعدم دخله جمع بين النقيضين؛ لأنّ الموضوع متعدّد والشكّ دخيل في أحدهما وغير دخيل في الآخر. هذا كلّه لو بنينا على تقريب المحقّق الخراساني(رحمه الله).

وأمّا إذا بنينا على التقريب الذي نحن ذكرناه من فرض استفادة الحكم الظاهري في طول التخصيص، فلا مجال لهذا الإشكال؛ فإنّنا لم نأخذ الشكّ دخيلاً في الموضوع حتّى يلزم كون الحكم ظاهرياً على الإطلاق، ولم نفرض عدم دخل قيد زائد وراء ما ذكر في موضوع العام حتّى يلزم كون الحكم واقعياً على الإطلاق، وإنّما فرضنا كون القيد المأخوذ في الموضوع هو أن لا يكون الشيء خمراً معلوم النجاسة مثلاً، وهذا القيد ـ وهو أن لا يكون الشيء خمراً معلوم النجاسة ـ تارةً يتحقّق خارجاً بعدم كونه خمراً، فيكون الحكم ـ لا محالة ـ واقعياً؛