المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

171

لاستناده إلى عدم الخمرية لا عدم العلم بالحكم، واُخرى يتحقّق خارجاً بعدم كونه معلوم النجاسة، فيكون الحكم ـ لا محالة ـ ظاهرياً؛ لاستناده إلى عدم العلم بالحكم، ولم يلزم من ذلك جمع بين النقيضين.

التقريب الثالث: أنّه إذا فرض كون هذا الحديث بالنسبة لما يشكّ في خمريّته مثلاً وهو في الواقع ليس خمراً جعلاً للحكم الواقعي والظاهري معاً، لزم من ذلك أن يكون الحكم الواقعي ملحوظاً بالنظر الإيجادي؛ لأنّ المولى بصدد جعله، ويكون في نفس الوقت ملحوظاً بنظر الفراغ عنه بمعنى كونِه مترقّب الثبوت؛ لأنّ المولى بصدد جعل حكم ظاهري حافظ له، وناظر إليه، ومأخوذ في موضوعه الشكّ فيه، مع أنّه لا يوجد في المقام إلاّ لحاظ واحد، ويستحيل الجمع في لحاظ واحد إلى شيء واحد بين كونه لحاظاً له بالنظر الإيجادي ولحاظاً له بنظر الفراغ عنه؛ فإنّ اللحاظ بنظر الفراغ عنه يستبطن فرض أنّه لا يقصد في هذا اللحاظ جعله وإيجاده، فكيف يجتمع مع فرض قصد جعله وإيجاده؟ وهل هو إلاّ جمع بين النقيضين.

وهذا التقريب لا جواب عليه بناءً على ما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) من فرض كون الحديث شاملاً للشيء بعنوانه الأوّلي بغض النظر عن الشكّ، وله بالنظر إلى الشكّ؛ فإنّه يلزم من ذلك ـ كما عرفت ـ أن يكون الشيء الطاهر بعنوانه الأوّلي المشكوك في طهارته عند المكلّف طاهراً واقعاً وظاهراً، وتثبت له كلتا الطهارتين بهذا الجعل.

وحتّى لو فرضنا رجوع ذلك ـ في الحقيقة ـ إلى جعلين: جعل بلحاظ العنوان الأوّلي للشيء، وجعل بلحاظ عنوان الشكّ فأيضاً لا يمكن افتراض كون الحكم الواقعي في أحد الجعلين ملحوظاً باللحاظ الإيجادي، وفي الجعل الآخر ملحوظاً بلحاظ الفراغ عنه؛ وذلك لأنّ الجعلين في آن واحد، فلا يتصوّر بالنسبة للحكم الواقعي الواحد في ذاك الآن إلاّ لحاظ واحد، هذا كلّه بناءً على التقريب الذي ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله).

أمّا بناءً على ما ذكرناه نحن من فرض أخذ قيد عدم كون الشيء، خمراً معلوم النجاسة في الموضوع بقرينة المخصّص، فلا يرد هذا الإشكال؛ لأنّه لم تجتمع في مورد واحد الطهارة الواقعية والظاهرية معاً المجعولتان بهذا الحديث حتّى يلزم من ذلك كون الطهارة الواقعية مجعولة في هذا المورد بهذا الجعل، وغير مجعولة في نفس الوقت؛ وذلك لأنّ هذا الشيء المشكوكة نجاسته إن لم يكن واقعاً خمراً فقد ثبتت له بهذا الحديث طهارة لا ترتفع بارتفاع الشكّ وانكشاف واقع الحال، وهي لا محالة طهارة واقعية لا ظاهرية، وإن كان واقعاً خمراً لم تثبت له طهارة واقعية وإنّما له طهارة ظاهرية ترتفع بانكشاف واقع الحال، وقد اُخذ في