المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

176

صحيح لكونها ناقصة، فلو كان الاستمرار هنا مُفاداً بنحو النسبة التامّة أو المعنى الاسمي، لما ورد ـ أيضاً ـ هذا الإشكال.

وثالثاً: أنّ الحكم الاستصحابي في المقام يحتاج إلى لحاظ مستقلّ بغضّ النظر عمّا ذكرنا من عنائية الاستمرار الاستصحابي؛ وذلك لأنّه لا يمكن فرض دلالة العبارة بلحاظ واحد على المستصحب والاستصحاب معاً مع ما بينهما من اختلاف جوهري في الملحوظ، ففي أحدهما مثلاً يلحظ الشكّ بخلاف الآخر، وحيث إنّ الاستمرار هنا مستفاد بنحو المعنى الحرفي الناقص المندكّ في المعنى الاسمي فلا يوجد له لحاظ مستقلّ.

ولا يقال: إنّ المجعول الواحد ذا الجعل الواحد يتحصّص هنا إلى حصّتين: حصّة بلحاظ زمان الحدوث، وحصّة بلحاظ زمان البقاء. والاُولى هي المستصحب، الثانية هي الاستمرار الاستصحابي، ويفرض وجود لحاظين باعتبار الحصّتين.

فإنّه يقال: إنّ وجود حصّتين للمجعول هنا يكون من قبيل وجود حصّتين للمطلق الذي لا تُرى به الحصص، وإنّما يُرى به الجامع ملغيّاً عنه الخصوصيات، لا من قبيل وجود فردين للعام، فلا يُحقّق بهذا تعدّد اللحاظ.

وهذا الإشكال يرتفع ـ أيضاً ـ لو كان الاستمرار مُفاداً هنا بنحو النسبة التامّة.

ورابعاً: أنّه لو فرض تعدّد اللحاظ في المقام بأن يفرض هذا الجعل الواحد والمجعول الواحد بنحو العموم لا الإطلاق قلنا: إنّه لا يمكن إفادة الاستصحاب والمستصحب معاً بجعل واحد، بل لا بدّ أن يكون للاستصحاب جعل مستقلّ، فلو كان الاستمرار مُفاداً بنحو النسبة التامّة أو بمعنىً اسمي واقع طرفاً للنسبة التامّة بأن يقول: (كلّ شيء طاهر والطهارة مستمرة إلى أن تعلم أنّه قذر) أمكن استفادة الاستصحاب لفرض جعل ثان لهذه النسبة التامّة. وأمّا إذا كان الاستمرار مُفاداً بمعنىً حرفي ناقص كما هو الواقع هنا، أو مُفاداً بمعنىً اسمي طرف للنسبة الناقصة، كما لو قيل: (كلّ شيء طاهر طهارة مستمرة إلى أن تعلم أنّه قذر) فلا يستفاد من ذلك الاستصحاب والمستصحب معاً؛ لعدم وجود نسبتين تامّتين حتّى يفرض جعلان.

والوجه في أنّه لا بدّ من فرض جعلين ومجعولين للاستصحاب والمستصحب، ولا يمكن فرضهما بجعل واحد ومجعول واحد أمران:

الامر الأوّل: أنّ هذا الجعل الواحد ذا المجعول الواحد والموضوع الواحد إمّا أن يؤخذ فيه الشكّ في البقاء أو لا، فإن لم يؤخذ فيه الشكّ في البقاء لم نستفد منه الاستصحاب. وإن اُخذ