المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

178

الظاهري غير معقول، إذ لا يعقل الشكّ في بقاء الحكم الظاهري إلاّ بأحد وجوه ثلاثة:

1 ـ الشكّ في النسخ، فيكون الاستصحاب فيه استصحاباً للحكم الظاهري بوجه من الوجوه، ومن الواضح أنّ هذا لا ينسجم مع الحديث؛ لأنّ الحكم الظاهري بالاستمرار في هذا الفرض يكون مغيّىً بالعلم بالنسخ لا العلم بالقذارة، فإنّ المستصحب هنا هو بقاء الجعل، وهو إنّما يكون مغيّىً بعدم النسخ لا بقاء المجعول، إذ على تقدير النسخ قد حصل النسخ من زمن النبي(صلى الله عليه وآله) لا في زمان آخر، فالمجعول لم يثبت بالنسبة لهذا الذي شككنا في طهارته الظاهرية أصلاً.

2 ـ الشكّ في سعة دائرة الحكم وضيقها، كما لو شككنا أنّ أصالة الطهارة هل هي مجعولة عند الشكّ بشرط عدم الظن بالنجاسة، أو بشرط عدم إخبار ثقة بالنجاسة مثلاً، أو لا؟ فهنا يمكن استصحاب المجعول الذي ينتهي لدى العلم بالقذارة كما ينتهي لدى العلم بعدم المجعول بأيّ وجه من الوجوه.

وخلاصة ما يمكن أن يقال كتوجيه للشكّ في سعة دائرة الحكم في المقام وضيقها: أنّ عبارة: (كلّ شيء طاهر) إنّما بيّنت أصل أصالة الطهارة بنحو القضية المهملة، ومن دون إطلاق ولو بقرينة تذييلها بالاستصحاب، إذ مع فرض تشخّص حدود الحكم لا معنى للاستصحاب، وإنّما يجري الاستصحاب إذا شكّ في حدوده نظير استصحاب حرمة المقاربة بعد النقاء وقبل الغسل، أو استصحاب وجوب الصوم بعد سقوط القرص وقبل ذهاب الحمرة ونحو ذلك.

إلاّ أنّ إرادة الاستصحاب بهذا المعنى من الحديث خلاف الظاهر جدّاً؛ لأنّ الإمام(عليه السلام)كان بصدد بيان الحكم، وهو الطهارة الظاهرية حسب الفرض، والمناسب بشأنه(عليه السلام)عندئذ لدى إرادة علاج حالة الشك في حدود الحكم هو علاجها ببيان حدوده، لا علاجها بالإرجاع إلى الاستصحاب.

ولو غضضنا النظر عن ذلك قلنا أيضاً: إنّ الحديث لا ينطبق على هذا الاستصحاب؛ لأنّ هذا الاستصحاب غايته في الحقيقة هي العلم بعدم الطهارة الظاهرية، لا العلم بالقذارة، وانتهاؤه لدى العلم بالقذارة إنّما يكون من باب أنّ العلم بالقذارة يستلزم العلم بعدم الطهارة الظاهرية.

وقد تقول: بما أنّ التلازم كان ثابتاً من الطرفين، أيّ: إنّ العلم بعدم الطهارة الظاهرية ـ أيضاً ـ كان يستلزم العلم بالقذارة، فقد صحّ بالمسامحة العرفية فرض غاية هذا