المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

182

وجد شيئان في أحد طرفيه جعل المجموع طرفاً واحداً، فهنا يجعل مجموع الموضوع والحكم طرفاً واحداً له، فتكون هذه النسبة الحرفية مندكّة في الموضوع، وجزء تحليلياًله، وفي نفس الوقت جزء للحكم ومندكّة فيه، وهذا معناه التهافت في الرتبة ووجودها في رتبتين، وكأنّ هذا هو المقصود ممّا ذكره الشيخ الأعظم(قدس سره)(على ما أذكر) من لزوم تقدّم الشيء على نفسه(1).

وأمّا الثاني، فيرد عليه ما مضى آنفاً في مناقشة القول الأوّل من هذين القولين.

وأمّا الثالث، فمضافاً إلى ما مضى من الإشكالات في هذا الفرض ثبوتاً وإثباتاً يرد عليه هنا: أنّنا نتساءل: هل يفرض هذا الاستمرار استمراراً حقيقياً أو عنائياً؟ فإن فرض حقيقياً كانت غايته غاية للطهارة المذكورة في الصدر، فإنّ غاية الاستمرار الحقيقي للشيء غاية لذلك الشيء لا محالة، لأنّ الإستمرار الحقيقي للشيء عبارة عن نفس ذلك الشيء وسعته، لكن على هذا لم نستفد الاستصحاب، وإنّما استفدنا الطهارة الظاهرية فقط؛ إذ الاستمرار صار استمراراً حقيقياً للطهارة الظاهرية، أي: إنّ الطهارة الظاهرية بنفسها باقية حقيقةً. وإن فرض عنائياً قلنا: إنّه لا مجال لاستفادة الطهارة الظاهرية من الصدر على هذا التقدير؛ إذ الغاية لم تكن غاية للاستمرار الحقيقي لها حتّى تكون طهارة ظاهرية، وإنّما هي غاية للاستمرار العنائي لها، وغاية الاستمرار العنائي للشيء ليست غاية لنفس ذلك الشيء.

 

الاتّجاه الثالث:

وأمّا الاتّجاه الثالث، فتحته ثلاثة وجوه:

الوجه الأوّل: استفادة الطهارة الواقعية، وهذا ما يستفاد من ظواهر عبارة صاحب الحدائق(رحمه الله)(2)، وتصوير ذلك يكون بأحد وجهين:

الأوّل: فرض العلم في الغاية طريقيّاً، فكأنّه قال:(كلّ شيء طاهر حتّى يكون قذراً).

ويرد عليه: أنّ هذا بلا تأويل غير صحيح، والتأويل يكون على خلاف الظاهر لا محالة، والوجه في عدم صحّته بلا تأويل هو لزوم جعل أحد الضدّين غاية للآخر، وتوقيف أحدهما على عدم الآخر كأن يقال: هذا حرام إلى أن يصبح حلالاً. وهذا غير ممكن عقلاً،


(1) عبارة الشيخ(رحمه الله) مايلي: لا يعقل كون شيء في استعمال واحد غاية لحكم ولحكم آخر يكون الحكم الأوّل المغيّى موضوعاً له. راجع الرسائل: ص 335 بحسب طبعة رحمة الله.

(2) راجع الحدائق: ج 1 من المجلّدات الجديدة، ص 136.