المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

205

فإن ادّعي الاطمئنان بذلك قلنا:

أوّلاً: إنّ فرض تأثير هذا الاطمئنان الإجمالي وتنجيزه بلحاظ حرمة الافتاء، أي: الإسناد لا يولّد محذوراً مهمّاً يستكشف منه مثلاً بالإنّ ثبوت نكتة في عدم تأثير حرمة الإسناد في تنجيز العلم الإجمالي؛ وذلك لأنّه وإن كان يلزم من تنجيز هذا الاطمئنان عدم جواز افتاء الفقيه بالحكم الواقعي، فيبطل به ما يقوله السيّد الاُستاذ من جواز إفتاء الفقيه بالواقع لحصول العلم التعبّدي به، لكن هذا ليس محذوراً مهمّاً وموجباً لسدّ باب الإفتاء؛ إذ غاية الأمر أنّ الفقيه يقتصر على الإفتاء بالحكم الظاهري.

إن قلت: إنّ الاطمئنان الإجمالي متعلّق بالجامع بين حرمة بعض إفتاءآته بالواقع في الإلزاميات وبطلان الترخيص في بعض الترخيصات، فإلى جنب سقوط جواز الإفتاء بالواقع تسقط الترخيصات، وهذا محذور مهمّ.

قلنا: بعد تساقط القواعد في الطرفين بهذا الاطمئنان الإجمالي يحصل علم تفصيلي بحرمة الإفتاء بالواقع في الإلزاميات؛ لأنّه يدخل في الإسناد بغير علم الذي هو ـ أيضاً ـ حرام كما يعترف به السيّد الاُستاذ، فينحلّ العلم الإجمالي، فيرجع في الترخيصات إلى البراءة العقلية التي يؤمن بها السيّد الاُستاذ(1).

نعم، قد يتّفق في مورد مّا عدم إمكان إجراء البراءة العقلية، لكن هذا ليس محذوراً مهمّاً يستكشف منه مثلاً ثبوت نكتة في عدم تأثير حرمة الإسناد في تنجيز العلم الإجمالي.

وثانياً: إنّ هذا الاطمئنان الإجمالي ليس تأثيره فقط بلحاظ حرمة الإسناد بحيث لو أنكرنا تأثير حرمة الإسناد لسقط هذا الاطمئنان عن الأثر، حتّى يستكشف من فرض وضوح عدم الاعتناء بهذا الاطمئنان عدم تأثير لحرمة الإسناد، بل يوجد لهذا الاطمئنان أثر آخر بغضّ النظر عن حرمة الإسناد لا يلتزم به السيّد الاُستاذ، فلا بدّ من استكشافه لخلل آخر في هذا الاطمئنان، بيان هذا الأثر هو: أنّه تارة تفرض دعوى الاطمئنان في


(1) قلت له(رحمه الله): إنّ العلم الإجمالي لا ينحلّ؛ ذلك لأنّ العلم التفصيلي لم يتعلّق بأحد طرفي العلم الإجمالي، بل تعلّق بحكم آخر، فإنّنا كنّا نعلم إجمالاً بوجود إلزام في الترخيصيات أو حرمة إفتاء بالواقع في الإلزاميات من باب حرمة الإفتاء والإسناد الذي يكون كذباً في الواقع، في حين أنّ العلم التفصيلي قد تعلّق بحرمة الإفتاء لا بهذا العنوان، بل بعنوان كونه إفتاءً وإسناداً لا يعلم بصدقه.

فأجاب(رحمه الله) بأنّ هذا الكلام الذي ذكرتَه مبنيّ على فرض حرمتين للإسناد، بحيث لو أسند شيئاً إلى الشارع وهو لا يعلم بصدقه وكان في الواقع كذباً، كان عليه عقابان، وهذا ممّا لا يلتزمون به، فلا بدّ من فرض صياغة لبيان الحرام بنحو تتّحد الحرمتان عند الإجتماع، فينحل عندئذ العلم الإجمالي.