المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

211

تنبيهات حول الشبهة الحكمية:

ولنذكر هنا تنبيهات حول ما ذكره السيّد الاُستاذ من مسألة معارضة استصحاب المجعول باستصحاب عدم الجعل:

التنبيه الأوّل: أنّ السيّد الاُستاذ كان يقول بعدم جريان استصحاب الحكم مطلقاً، أي: بلا فرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية، ففي الشبهة الموضوعية ـ أيضاً ـ لا يجري استصحاب الحكم بغضّ النظر عن حكومة الاستصحاب الموضوعي عليه؛ لأنّ استصحاب المجعول فيه معارض باستصحاب عدم الجعل. وأوردتُ عليه: بأنّ هذا الكلام ينافي مورد صحيحة زرارة الدالّة على استصحاب الطهارة، فإنّها لم تستصحب عدم النوم مثلاً الناقض للطهارة، وإنّما استصحبت نفس الطهارة.

فأجاب: بأنّ هذه الرواية لا بدّ من توجيهها على كلّ حال؛ إذ حتّى لو كان استصحاب الحكم في الشبهة الموضوعية في نفسه جارياً يكون الاستصحاب الموضوعي حاكماً عليه، فعلى أيّ حال لا بدّ من استصحاب عدم الناقض دون استصحاب الطهارة.

وهذا الكلام غير صحيح على ما سوف يأتي منّا ـ إن شاء الله ـ من تحقيق: أن الاستصحاب الموضوعي ليس حاكماً على الاستصحاب الحكمي، وإذا كان موافقاً معه جَرَيا معاً، ولم يقدّم عليه.

ثم إنّ هنا نقضاً يرد على القول بابتلاء استصحاب الحكم في الشبهة الموضوعية بالتعارض مع استصحاب عدم الجعل، وهو أنّه بناءً على هذا يكون الاستصحاب الموضوعي ـ أيضاً ـ مبتلىً بالتعارض مع استصحاب عدم الجعل، فإنّ استصحاب الموضوع إنّما يكون حاكماً على الاستصحاب الجاري في المجعول باعتبار أنّ المجعول يترتّب على الموضوع ترتّباً شرعياً، ولا يكون حاكماً على الاستصحاب في الجعل؛ لعدم ترتّب شرعي بينهما، فيتعارض استصحاب الموضوع مع استصحاب عدم الجعل، فينبغي إنكار الاستصحاب الموضوعي أيضاً.

والتحقيق: أنّ هنا فرقاً كبيراً بين استصحاب الحكم في الشبهات الحكميّة واستصحاب الحكم في الشبهات الموضوعيّة، فشبهة المعارضة بين استصحاب المجعول واستصحاب عدم الجعل لو تمّت في الشبهات الحكمية لا تتمّ في الشبهات الموضوعيّة، وقد بيّنتُ هذا الفرق للسيّد الاُستاذ فبنى على التفصيل بين الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة.

وهذا الفرق هو: أنّ الجعل في الشبهات الحكميّة يقال عنه مثلاً: إنّه يزيد وينقص بدخول