المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

225

الأوّل: ان يُلتزم بأنّ القيد كما يمكن أن يرجع إلى المادة ويكون حيثيّة تقييديّة لمتعلّق الحكم ومعروضه كذلك يمكن أن يرجع إلى أصل الحكم، خلافاً لما في تقرير بحث الشيخ الأعظم(قدس سره)، فيكون عندئذ حيثيّةً تعليليّة لعروض الحكم على المادّة، فبناءً على هذا المبنى يقال: إنّ ما احتمل دخله إن كان يحتمل دخله في المادّة وفي معروض الحكم، تمّ فيه هذا الإشكال بغضّ النظر عن الجواب الثاني؛ إذ ما علم بوجوبه أو بحرمته مثلاً غير ما شكّ في وجوبه أو حرمته. وأمّا إن كان يحتمل دخله في الحكم ولا يحتمل دخله في معروض الحكم، فهنا يجري الاستصحاب عند فقد ذاك الشيء بلا إشكال؛ لأنّ ما شكّ في وجوبه أو حرمته هو نفس ما كان يعلم بوجوبه أو بحرمته.

وهذا الوجه جريانه في المقام وعدمه موقوف على أن نرى أنّه بناءً على تصوير رجوع القيد إلى الحكم ومفاد الهيئة في الأحكام الشرعية المستفاد بدليل لفظي هل يتصوّر ـ أيضاً ـ رجوعه إلى الحكم في أحكام العقل العملي أو لا؟ فإن تصوّرنا ذلك جرى هذا الجواب في المقام، وإن قلنا: إنّ القيد في أحكام العقل العملي دائماً يرجع إلى المادّة كما هو مختارنا في بحث الواجب المطلق والمشروط، والمفروض أنّ الحكم الشرعي يكون بملاك حكم العقل العملي، فدائماً يكون المشكوك غير المعلوم، ولا يجري الاستصحاب في المقام بغضّ النظر عن الوجه الثاني.

والثاني: أن يقال: إنّ نفس القيد الراجع إلى المادّة والذي يكون حيثيّة تقييديّة يكون في نظر العرف على قسمين: فتارة يراه العرف حيثيّة تقييديّة، فلا يجري الاستصحاب، واُخرى يراه حيثيّة تعليليّة فيجري الاستصحاب. وهذا الوجه صحيح بناءً على ما سوف يأتي ـ إن شاء الله ـ في بحث إشتراط بقاء الموضوع ووحدته من أنّ العبرة في ذلك بالنظر العرفي، ويجري هذا الوجه في المقام.

فإن قلت: إنّ العبرة إنّما تكون بنظر العرف في فهم الدليل اللفظي، فإذا كان الحكم الشرعي ثابتاً بدليل لفظي كان العرف محكّماً في فهم موضوعه. وأمّا إذا كان ثابتاً بدليل العقل فلا معنىً لتحكيم العرف في فهم موضوعه.

قلت: لم يكن المقصود الرجوع إلى نظر العرف في فهم مفاد الدليل حتّى يتمّ هذا التفصيل، وإنّما كان المقصود الرجوع إلى نظرهم الذاتي بغضّ النظر عن تفسيرهم لظاهر دليل الحكم؛ وذلك لما سوف نحقّقه ـ إن شاء الله ـ في بحث اشتراط بقاء الموضوع ووحدته من أنّ العبرة في الاستصحاب بهذا النظر العرفي في تشخيص بقاء الموضوع، وهذا غير تحكيم نظر العرف