المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

227

 

 

 

التفصيل بين الشكّ في المقتضي والرافع:

 

وأمّا التفصيل الثالث، وهو التفصيل بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع فقد ذهب إليه الشيخ الأعظم(قدس سره) ومن تبعه، وذكر الشيخ الأعظم(رحمه الله): أنّ أوّل من تنبّه إلى ذلك المحقّق الخونساري(رحمه الله)(1)، ولعلّ مقصوده(قدس سره) هو أنّ أوّل من طبّق ذلك(2) على ما يستفاد من أخبار الاستصحاب هو المحقّق الخونساري، وإلاّ فأصل فكرة التفصيل موجودة قبله بقرون، وأذكر ـ إن لم تخنّي الذاكرة ـ أنّ المحقّق في المعارج ذكر في مقام الاستدلال على الاستصحاب ـ وهذا من طرائف ما قيل في الاستصحاب ـ: أنّ فرض عدم بقاء المستصحب: إمّا يكون من باب احتمال عدم المقتضي، وإمّا يكون من باب احتمال وجود المانع. أمّا الأوّل فالمفروض خلافه، وهو وجود المقتضي، فإنّنا نتكلّم في هذا الفرض. وأمّا احتمال وجود المانع فهو معارَض باحتمال عدمه. وهذا كما ترى مشتمل على أصل فكرة التفصيل بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع ولو بهذه الصياغة.

ثمّ إنّهم ذكروا تمهيداً مفصّلاً في المقام بصدد بيان معاني المقتضي والرافع، وتعيين ما هو المقصود هنا(3)، لكنّني لا أرى مزيد فائدة في بسط الكلام في ذلك بعد ما سوف يتبيّن لك ـ إن شاء الله ـ من أنّه لا أساس لهذا التفصيل، ويكفي لاتّخاذ فكرة إجماليّة عن هذا التفصيل تمهيداً للدخول في البحث عنه أن نقتصر على ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله) في مقام بيان ضابط التفصيل، وهو أنّ الشيء إذا كان بحيث لو بقي هو وعمود الزمان لم ينتفِ، وإنّما ينتفي لحادث يحدث فيؤثر في انتفائه كان الشكّ في ذلك شكّاً في الرافع، ومثاله بقاء الشابّ إلى عدّة سنوات، فإنّه إنّما ينتفي لحادث خارجي من انهدام جدار عليه أو اصطدام بسيارة ونحو ذلك،


(1) راجع الرسائل: ص 336 ولكن الموجود في الرسائل في مكان آخر هو استظهار هذا القول من المحقّق في المعارج، راجع الرسائل: ص 328، وص 360 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.

(2) عبارة الرسائل صريحة في أنّ المحقّق الخونساري فتح باب النقاش في إطلاق دلالة الروايات.

(3) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 324 ـ 331 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم. وأجود التقريرات: ج 2، ص 353 ـ 357، ومصباح الاُصول: ج 3، ص 20 ـ 26.