المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

230

الاستصحاب في الوحدة المطلقة بين المتيقن والمشكوك، فيتصدّى صاحب هذا الدليل لإثبات الوحدة المطلقة مسامحة بعناية لحاظ العلم بمقتضي الشيء علماً بالشيء، ويتصدّى المحقّق الخراساني(رحمه الله) لإثبات الوحدة المطلقة مسامحة بالتغافل عن الزمان، بينما نحن لا نسلّم أصل ظهور دليل الاستصحاب في الوحدة المطلقة بين المتيقّن والمشكوك؛ لأنّ منشأ هذا الظهور: إمّا هو حذف المتعلّق، ويرد عليه: أنّه إن سلّمت دلالة حذف المتعلّق على الوحدة المطلقة فإنّما هي فيما لم يرد في الكلام القرينة على خلافها، وقد ورد في الكلام القرينة على ذلك، وهو تطبيقه(عليه السلام) على اليقين بحدوث الطهارة والشكّ في بقائها. وإمّا هو كلمة(النقض) من باب أنّ الشكّ في الشيء لا معنى لأن يقال: إنّه نقض أو ليس نقضاً لليقين بشيء آخر. ويرد عليه: أنّ ما تقتضيه كلمة(النقض) إنّما هي عدّ الشكّ ارتفاعاً لليقين، وما يقابله من العلم بقاءً لليقين، وهذا ثابت عند الوحدة من كلّ الجهات سوى الزمان؛ وذلك لما عرفت سابقاً في التنبيه الثاني من تنبيهات التفصيل الأوّل من أنّ العرض يكسب في نظر العرف حدوثاً وبقاءً من حدوث معروضه وبقائه، فإن لم يسلّم بهذا بطل استصحاب الحكم في كثير من فروض الشكّ في الحكم، وهي الفروض التي يكون فيها الحكم بجميع أجزائه ثابتاً من أوّل الأمر، فقد مضى أنّ وجوب الجلوس في ساعتين مثلاً إذا كانت الساعتان تحديداً لمقدار الجلوس لا ظرفاً للوجوب، وكان وجوب تمام أجزاء الجلوس ثابتاً من أوّل الأمر فإنّما يمكن استصحاب بقاء وجوب الجلوس باعتبار أنّ الوجوب يكسب حدوثاً وبقاءً من معروضه، وهو الجلوس، فلو اُنكر هذا لزم إنكار الاستصحاب في مثل هذه الموارد، وهذا ما لا يلتزم به القائل بعدم حجّيّة الاستصحاب في الشكّ في المقتضي. ولو سلّم بما قلناه جرى مثل هذا في المقام، فنقول: إنّ اليقين يكتسب حدوثاً وبقاءً من متعلّقه وهو المتيقن.

 

الدليل الثاني:

وهو دعوى أنّ الارتكاز العقلائي في باب الاستصحاب يختصّ بموارد إحراز المقتضي، وذلك يوجب بأحد تقريبين تخصيص الحجّيّة الشرعية بموارد إحراز المقتضي.

التقريب الأوّل: دعوى أنّ دليل الاستصحاب وهو قوله: «لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ» لولا الارتكاز لما كان له إطلاق لغير مورده؛ لاحتمال كون اللام للعهد، وكونه إشارة إلى اليقين بالوضوء، فنحن إنّما نتعدّى من مورده إلى سائر الموارد بارتكاز عدم الفرق، وهذا التعدّي مختصّ بالموارد المشابهة لمورد الحديث، وهي موارد إحراز المقتضي، فإنّ مورد