المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

231

الحديث هو مورد قد أُحرز المقتضي فيه، واحتمال الفرق بين موارد إحراز المقتضي وغيرها وارد، والارتكاز العقلائي الموجب للتعدّي عن المورد كان مخصوصاً بالأوّل.

والجواب بعد فرض تسليم عدم تماميّة الإطلاق اللفظي في الحديث في نفسه لاحتمال العهد في اللام: أنّ التعدّي إلى غير المورد لم يكن بملاك مجرّد القطع بعدم الفرق من قبيل القياس المقطوع العلّة، بل كان بملاك أنّ الارتكاز العرفي أسقط قيد المورد وهو الوضوء، فكأنّه غير مذكور، فتكوّن الإطلاق اللفظي من قبيل ما لو حكم الشارع بانفعال الماء القليل الموضوع أمام باب المسجد الفلاني، فالعرف هنا يُلغي قيد وضعه على باب المسجد، ويحمله على المثالية في حين أنّه لا يُلغي قيد القلّةِ مثلاً، فيتم الإطلاق اللفظي في الكلام من ناحية القيد الملغى. نعم، بعد أن اُلغي في ما نحن فيه قيد الوضوء يبقى احتمال دخل جزء تحليلي من ذلك القيد وهو إحراز المقتضي، لكن ذاك القيد بعد إلغائه بحسب الارتكاز ليس جزؤه التحليلي صالحاً للبيانية والتقييد، وإذا انعقد الإطلاق اللفظي فقد ثبتت حجّيّة الاستصحاب حتّى في موارد الشكّ في المقتضي.

التقريب الثاني: دعوى أنّه حتّى لو سلّمنا الإطلاق اللفظي بفرض اللام للجنس مثلاً يكون الارتكاز صارفاً للكلام إلى خصوص موارد إحراز المقتضي؛ وذلك لأنّه إذا كان في مورد الكلام الصادر عن الشارع ارتكاز عقلائي كان ذلك سبباً في انصراف ذاك الكلام إلى حدود ذلك الارتكاز. وما نحن فيه من هذا القبيل؛ لأنّ الاستصحاب ارتكازيّ، والارتكاز مختصّ بفرض إحراز المقتضي.

والجواب: منع الصغرى، بمعنى: أنّ ارتكازيّة الاستصحاب وان صحّت ببعض المعاني لكنّها ليست ارتكازاً مركّزاً وواضحاً بحيث يصبح كالعهد، ويجلب النظر، ويصرف الكلام إليه، ولا هو محدّد بشكل واضح، وإنّما هو ارتكاز ذو مراتب باختلاف الموارد من ناحية الشكّ في المقتضي أو إحرازه أو غير ذلك، وليس هنا تفاوت كبير دفعي بين بعض مراتبه دون بعض، فبما أنّ هذا الارتكاز ضعيف وتحديده ـ أيضاً ـ ضعيف فهو غير قادر على صرف الكلام إلى مقدار مرتكز محدّد.

 

الدليل الثالث:

وهو عمدة الأدلّة تاريخياً، فإنّه الذي اعتمد عليه الشيخ الأعظم(قدس سره) ناسباً له إلى المحقّق