المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

236

بطهارة الثوب وهو يقدر على تنجيسه ـ فمن الواضح أنّه ليس هو المنهيّ عنه في دليل الاستصحاب. وإن اُريد به النقض العملي، فهو مقدور حتّى في اليقين بأن لا يعمل على طبقه(1).

وهو(رحمه الله) يرى أنّ اليقين استعمل في معناه الحقيقي، ويقول: إنّ مصحّح استعمال النقض هو الاستحكام الذاتي لنفس اليقين، الثابت في فرض الشكّ في المقتضي وفي فرض الشكّ في الرافع(2). وعبارته هنا لا تخلو من غموض، فلا يُعلم أنّ مقصوده: أنّ اليقين بذاته شيء مستحكم، وهذا هو مصحّح إسناد النقض أو أنّ مقصوده ما اخترناه من التفاف اليقين بالمتيقّن واستحكامه به. وعلى أيّ حال فهو(رحمه الله) يبطل كلا وجهي الاستدلال على استعمال اليقين في المتيقّن، ويختار استعماله في معناه الحقيقي وعدم اختصاص الحديث بالشكّ في الرافع؛ لأنّ مصحّح إسناد النقض هو الاستحكام الموجود في نفس اليقين الذي يكون ثابتاً سواء اُحرز وجود المقتضي أم لا.

الوجه الثاني: أنّ النقض وإن كان بلحاظ الآثار وليس نقضاً حقيقياً، لكن لو فرض إسناده إلى اليقين لزم أن يكون المقصود من الحديث ترتيب آثار اليقين الذي يكون موضوعاً لأحكام اُخرى، كما لو وجب التصدّق عند اليقين بالطهارة دون آثار متعلّقه، مع أنّه لا إشكال في إرادة ترتيب آثار متعلّقة.

وأجاب المحقق الخراساني(رحمه الله) عن هذا الوجه ـ وهو يقبل بأصل الروح العامّة في هذا الوجه ـ: بأنّ اليقين إنّما لوحظ هنا مرآةً إلى المتيقّن، فكأنّه يُرى المتيقّن لا المرآة، فيرتّب آثار المتيقّن(3).

ويرد على هذا الكلام مضافاً إلى ما سوف يأتي ـ إن شاء الله ـ من عدم صحّة لحاظ المرآتية في المقام ما ذكره تلميذه المحقّق العراقي(رحمه الله) من أنّ هذا هدم لأصل مبناه؛ إذ لو كان اليقين لوحظ مرآةً فيُرى المتيقّن ويغفل عن المرآة، فكيف يكون المصحّح للنقض استحكام


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 287 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليق المشكيني، وخصوص عدم إرادة نقض المتيقّن في مورد القدرة على نقضه قد تكون مقصودة من عبارة الكفاية، ولكن عبارة تعليقته على الرسائل صريحة فيه، راجع التعليقة ص 189 بحسب طبعة بصيرتي.

(2) نفس المصدر: ص 285.

(3) نفس المصدر: ص 287 ـ 288.