المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

240

استحكام في المتيقّن، وذلك لا يكون إلاّ عند إحراز المقتضي مثلاً، فيثبت اختصاص الاستصحاب بصورة إحراز المقتضي، وهذا المقصود للشيخ الأعظم(قدس سره) كما ترى تفيده الصياغة الاُولى، وهي: أنّ اليقين إنّما استعمل بمعنى المتيقّن، فإنّه لو كان مستعملاً في المتيقّن إذن فلا أثر للاستحكام، أو الإبرام الموجود في اليقين في تصحيح كلمة(النقض)، ولا بدّ من استحكام أو إبرام في المتيقّن مثلاً كما تفيده ـ أيضاً ـ الصياغة الثانية، فإنّه لو لوحظ اليقين فانياً في المتيقّن، أي: إنّ النظر كان إلى المتيقّن لا إلى اليقين، فمن الطبيعي أن لا يفيد ما في اليقين من الاستحكام أو الإبرام في تصحيح كلمة(النقض)؛ إذ ليس النظر والالتفات إلى اليقين، وإنّما الالتفات إلى المتيقّن، فلا بدّ من فرض إبرام أو استحكام في المتيقّن، ولكن لا تفيده الصياغة الثالثة؛ إذ لو سلّمنا استعمال اليقين في معناه الحقيقي وكونه ملحوظاً في المقام، فلا محالة يكفي ما فيه من إبرام أو استحكام، فإنّه وإن كان المقصود الجدّي هو المتيقّن لكنّنا في مقام تصحيح استعمال كلمة(النقض) لا نحتاج إلى أزيد من وجود نكتة صدق النقض في عالم المراد الاستعمالي. فهذا الوجه لو تمّ لم يفد في تحقيق هدف الشيخ الأعظم(قدس سره).

الصياغة الرابعة: ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله)، وعبارة كلا تقريري بحثه في غاية التشويش، ويكاد أن لا يتحصّل منها شيء عدا تكرار نفس المدّعى(1)، ويمكن أن يكون مقصوده(قدس سره) أحد أمرين، وكلاهما يرجع إلى بيان الاحتياج إلى إحراز المقتضي بلا حاجة إلى دعوى كون المقصود من اليقين هو المتيقّن، فهذا في الحقيقة ليس صياغة رابعة للمقدّمة الاُولى من المقدّمتين اللتين مضتا في مقام بيان دليل الشيخ الأعظم(قدس سره) على اختصاص الاستصحاب بالشكّ في الرافع، وإنّما هو استغناء عن المقدّمة الاُولى، فلا نقول: إنّ المقصود من اليقين هو المتيقّن في مرحلة الاستعمال كما هو الحال في الصياغة الاُولى، ولا في مرحلة اللحاظ والالتفات كما هو الحال في الصياغة الثانية، ولا في مرحلة المراد الجدّي كما هو الحال في الصياغة الثالثة، بل نقول: إنّ المقصود باليقين هو اليقين، ولكن مع هذا نحتاج إلى إحراز المقتضي في مقام صدق النقض؛ وذلك لأحد أمرين:

الأمر الأوّل: ما هو أبعد الاحتمالين في مراده(قدس سره) وإن كان هو في نفسه وجهاً في إثبات المدّعى، وهو: أنّ النقض يحتاج إلى فرض إحكام أو إبرام في متعلّقه، وهنا قد تعلّق النقض


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 135 ـ 137 بحسب الطبعة المنشورة من قبل مؤسّسة النصر ومكتبة الصدر وص 373 ـ 377 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وراجع أجود التقريرات: ج 2، ص 378 ـ 380.