المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

241

باليقين، فلا بدّ من فرض ذلك فيه ولو مسامحة، وذلك إنّما يكون عند وجود المقتضي، من باب أنّ مقتضي المتيقّن مقتض لليقين، وبقاء مقتضي اليقين يعتبر بالمسامحة بقاءً لليقين.

ويرد عليه: أوّلاً: كفاية ما ذكرناه من إبرام اليقين والتفافه حول المتيقّن، فلا حاجة إلى فرض استحكام أو إبرام آخر.

وثانياً: أنّ أسباب اليقين ومقتضياته وشرائطه وموانعه ليست عبارة عن أسباب المتيقّن ومقتضياته وشرائطه وموانعه، وإنّما المقتضي لليقين هو العلم بمقتضي المتيقّن مع العلم بشرطه والعلم بعدم مانعه، فالعلم بعدم المانع والعلم بالمقتضي كلاهما في عرض واحد داخلان في مقتضي اليقين، لا أنّ أحدهما مقتض له والآخر مانع عنه، وقد يكون المقتضي للمتيقّن موجوداً ومحرزاً ولا يكون المقتضي لليقين موجوداً، وذلك كما لو لم نعلم بعدم المانع، فإنّ المقتضي لليقين في كلّ آن هو اليقين بوجود المقتضي والشرط وعدم المانع للمتيقّن في ذلك الآن، فليس اليقين ممّا لو خلّي وعمود الزمان يبقى، فبحسب ما يقال في ضابط المقتضي والمانع في المقام(من كون الشيء يبقى لو خلّي وعمود الزمان أو لا؟) لا يكون مقتضي اليقين موجوداً في حين ان مقتضي المتيقّن موجود.

الأمر الثاني: ما يظنّ كونه هو المراد للمحقّق النائيني(قدس سره) ويستشفّ من وراء تلك العبارات المشوّشة، وهو: أنّ المقصود ليس هو النقض الحقيقي لليقين، وإنّما المقصود هو النقض العملي له، أي: النقض بحسب الجري العملي، وهذا معناه نقض الجري العملي، إذن لا بدّ من فرض استحكام أو إبرام مسامحي في الجري العملي، وذلك يكون ببقاء مقتضي الجري العملي، ومقتضي الجري العملي عبارة عن مقتضي المتيقّن، فإنّ المتيقّن هو الذي يحرّك نحو العمل ولو بلحاظ انكشافه باليقين، إذن فلا بدّ من بقاء مقتضي المتيقّن وكون الشكّ في الرافع.

ويرد عليه: أنّ النقض هنا وإن كان نقضاً عملياً، لكن معنى ذلك هو كون الجري العملي مأخوذاً في نفس مفهوم النقض، فالنقض نقض عملي لليقين في مقابل كونه نقضاً حقيقياً له، لا أنّه نقض للجري العملي حتّى نحتاج إلى استحكام أو إبرام في الجري العملي، وصحيحٌ أنّ واقع المطلب هو إرادة نقض الجري العملي، ولكن بحسب عالم الاستعمال قد اُخذ الجري العملي في مفهوم النقض، واُسند النقض إلى اليقين، وفرض تقدير كلمة(العمل) مثلاً في المقام بأن يقال: إنّ الأصل هو(لا تنقض العمل باليقين) ليس عرفياً، إذن فنحن إنّما نحتاج إلى إبرام في اليقين، ويكفينا إبرام اليقين والتفافه حول المتيقّن.