المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

242

ولو فرض أنّ إبرام اليقين يجب أن يكون إبراماً بحسب الجري العملي حتّى يكفي في صدق النقض العملي، قلنا: إنّ التفاف اليقين حول المتيقّن كما يكون بلحاظ عالم الانكشاف كذلك يكون بلحاظ عالم الجري العملي.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ كلمة(النقض) لا توجب اختصاص مفاد الحديث بالشكّ في الرافع.

ثم لو سلّمنا كون كلمة(النقض) توجب اختصاص مفاد الحديث بالشكّ في الرافع قلنا: إنّ روايات الاستصحاب ليست كلّها مشتملة على كلمة(النقض)، فيجب أن نحسب حساب روايات اُخرى أيضاً، فنقول: إنّ الصحيحة الاُولى والثانية والثالثة، ورواية الخصال كلّها مشتملة على كلمة(النقض)، وبعض الروايات تشتمل على ما يشبه كلمة(النقض) من قبيل:(اليقين لا يدخله الشكّ)، فقد يمكن جعل كلمة(الدخول) ونحوه ببعض البيانات من قبيل كلمة(النقض)، ولكن توجد روايتان ليست فيهما كلمة(النقض) ولا ما يشبهها.

إحداهما: ما مضى من رواية إسحاق بن عمّار:«إذا شككت فابنِ على اليقين. قال: هذا أصل؟ قال: نعم». فهذه الرواية تدلّ على حجّيّة الاستصحاب مطلقاً، إلاّ أنّها ضعيفة سنداً(1). وأمّا من حيث الدلالة فقد مضى منّا تماميّة دلالتها على الاستصحاب، ولو تمّت دلالتها على الاستصحاب فهي تدلّ ـ لا محالة ـ بالإطلاق على الاستصحاب في موارد الشكّ في المقتضي.

نعم، إن قلنا: إنّها تفيد قاعدة اليقين مثلاً لا الاستصحاب، فهي تخرج موضوعاً عن محلّ البحث، ولا تدلّ على تعميم الاستصحاب لموارد الشكّ في المقتضي.

وإن فرضناها مرددةً بين الاستصحاب وقاعدة اليقين أثّرت في إيجاب الاحتياط على من يرى كلمة(النقض) غير ملائمة للشكّ في المقتضي، فبهذا السبب يرفع اليد عن صحاح زرارة في الشكّ في المقتضي، فعليه أن يحتاط في موارد الاستصحاب في الشكّ في المقتضي فيما يثبت حكماً إلزامياً، وفي موارد قاعدة اليقين فيما تثبت حكماً إلزامياً للعلم الإجمالي بحجّيّة احدهما بمقتضى هذا الحديث.

وثانيتهما: ما مضى ـ أيضاً ـ من صحيحة عبدالله بن سنان في ثوب اُعير من الذمي وفيها:«فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن أنّه نجّسه، فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى


(1) مضى نقاشنا في دعوى ضعف سند هذه الرواية.