المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

245


المولى شرّع جواز التصرّف مثلاً، ثمّ انتزع من جواز التصرّف الملكيّة، أو كالزوجيّة حيث يمكن افتراض أنّ الشريعة شرّعت الزوجيّة، إذن نالتها يد الجعل مباشرة، ويمكن افتراض أنّ الشريعة شرّعت جواز الوطء وما شابه ذلك من الأحكام، فانتزع منها الزوجيّة، والطهارة يمكن افتراض جعلها مباشرة ويمكن افتراض جعل أحكامها التكليفيّة، ثمّ انتزاع الطهارة من تلك وما شابه ذلك. هذا هو القسم الثاني، والصحيح الأقوى الظاهر من الأدلّة هو أنّها مجعولة مباشرة وليست منتزعة فهي وإن كان يمكن عقلاً أن تكون منتزعة كما يمكن عقلاً أن تكون مجعولة بالاستقلال، لكن الظاهر من لسان الأدلّة ومن المرتكز المتشرعي وما شابه ذلك أنّها هي مجعولة جعلاً استقلالياً. والقسم الثالث هي الأحكام الوضعية الانتزاعية من قبيل الشرطية والجزئية والمانعية للمكلف به، من قبيل: أنّ الطهارة شرط، أو النجاسة مانعة عن الصلاة، وما شابه ذلك، أو السورة جزء للصلاة، فهذه الشرطية والجزئية والمانعية تنتزع من الحكم التكليفي الذي تعلّق بالصلاة عن طهارة، أو تعلّق بالصلاة مع السورة وما شابه، وما أضافه الشيخ الخراساني(رحمه الله) إلى ما هو المعروف هو القسم الأوّل، وهو القسم الذي لا يكون أصلاً مجعولاً لا جعلاً حقيقياً أو جعلاً مستقلاً، ولا جعلاً تبعيّاً.

وقبل أن أبدأ بتحقيق المطلب أشير إلى كلمة كملاحظة عابرة وهي: أنّ الشيخ الآخوند(رحمه الله)حينما أراد أن يمثّل للقسم الأوّل مثّل بالشرطيّة والسببيّة والمانعيّة لأصل التكليف، وهنا للسيد الخوئي كلام حيث يقول: إنّ الفرق بين الشرطية والسببية مجرّد اصطلاح بحت، ففي واقع الأمر يوجد لدينا شيئان: الشرطية والمانعية، أمّا الشرطية والسببية فالفرق بينهما فرق اصطلاحي بحت، فقد اصطلح الفقهاء أو المحقّقون العلماء على أنّ المشروط لو كان حكماً تكليفياً سُمّي الشرط شرطاً ولو كان حكماً وضعياً سُمّي الشرط سبباً، هذا اصطلاح فقط لا أكثر، مثلاً بالنسبة لوجوب الصلاة الذي هو حكم تكليفي يسمّى زوال الشمس شرطاً لوجوب الصلاة، أو يسمّى العقل أو اليقظة شرطاً لوجوب الصلاة؛ لأنّ وجوب الصلاة أمر تكليفي. أمّا الملكية التي هي حكم وضعي فيسمّى البيع الذي هو شرط لحصولها سبباً فيقال: البيع أو الشراء سبب لحصول الملكية، أو الحيازة، هذا ما يقوله السيد الخوئي.

أمّا الشيخ الآخوند فلا أظنّه ينظر إلى هذا المعنى، وأظنّه يقصد بالسبب الموضوعات الرئيسة، وبالشرط الموضوعات الجانبية، أي: إنّ الشيء الرئيس الأصلي يفترضه سبباً سواء في الأحكام التكليفيّة أو في الأحكام الوضعيّة، أو أنّه ينظر إلى الأحكام التكليفيّة فحسب، ولا ينظر إلى الأحكام الوضعيّة، والموضوع الرئيس لتلك الأحكام يسمّيه سبباً، والاُمور الجانبية الدخيلة في الموضوع يسمّيها شرطاً.

وعلى أيّ حال فسواء كان الأمر هكذا أو هكذا لا يؤثّر ذلك في جوهر المطلب.

والآن نعود إلى تحقيق البحث في المقام ونعقد البحث في عدّة اُمور:

أوّلاً: في القسم الذي أضافه الشيخ الآخوند(رحمه الله) من الأحكام الوضعيّة التي لا تقبل الجعل المستقلّ ولا الانتزاع من الجعل أو الجعل التبعي، وهي السببيّة والشرطيّة والمانعية لأصل التكليف.

وثانياً: في القسم الأوّل من القسمين المعروفين للأحكام الوضعيّة، وهي القابلة للجعل الاستقلالي وللانتزاع او الجعل التبعي، كالزوجية والملكية والتي اشتهر القول فيها بالجعل الاستقلالي.

وثالثاً: في القسم الثاني من القسمين المعروفين للأحكام الوضعية، وهي الانتزاعية كالجزئيّة والشرطيّة