المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

246


والمانعيّة.

ورابعاً: في بحث إشكال الاستصحاب في الأحكام الوضعيّة أو خصوص الانتزاعيّة منها.

ثم نختم الحديث عن الأحكام الوضعيّة ببحث حقيقة الطهارة والنجاسة، هل هما مجعولتان شرعيّتان، أو حقيقتان واقعيتان؟

بحث القسم الأوّل من تقسيم الشيخ الخراساني:

أمّا الأمر الأول، وهو البحث عمّا أفاده الشيخ الخراساني(رحمه الله) في المقام من وجود أحكام وضعيّة بعيدة عن الجعل الأصلي والتبعي أو الانتزاعي معاً، فقد عرفت أنّه(رحمه الله) ادّعى أنّ السببيّة والشرطيّة والمانعيّة هي أحكام وضعيّة تكوينيّة، وأنّ هذه لا تقبل الجعل الاستقلالي ولا الجعل بالتبع، بل هي إن شئتم أن تسموها مجعولة قولوا: هي مجعولة جعلاً تكوينياً بتبع جعل نفس السبب، يعني نفس زوال الشمس، فالله الذي خلق زوال الشمس خلق سببيّته؛ لأنّ سببيّته صفته، أي: صفة زوال الشمس، وخالق الموصوف هو خالق الصفة بالتبع، وقد ذكر الشيخ الخراساني(رحمه الله) ـ بقدر ما هو وارد في الكفاية(1) ـ دليلين على المدّعى يبدو أنّه يريد بالدليل الأوّل أن يبطل فرض الانتزاع، وبالدليل الثاني أن يبطل كلا الشقّين، أي: فرض الانتزاع وفرض الجعل الاستقلالي:

الدليل الأوّل للشيخ الخراساني:

ففي الدليل الأوّل يقول: لا يمكن أن تكون السببيّة والشرطيّة والمانعيّة بالنسبة للأحكام التكليفيّة هي منتزعة من الحكم التكليفي؛ وذلك لأنّ الحكم التكليفي متأخّر عن الشرط والسبب، فكيف تكون الشرطيّة والسببيّة منتزعة من الحكم التكليفي، فوجوب الصلاة مثلاً متأخّر رتبة عن زوال الشمس تأخر الحكم عن موضوعه؛ لأنّ زوال الشمس موضوع لوجوب الصلاة، فوجوب الصلاة متأخّر عن زوال الشمس، فكيف تكون سببيّة زوال الشمس أو شرطيّة زوال الشمس لوجوب الصلاة منتزعةً عن وجوب الصلاة؟ وكأنه(رحمه الله) يريد أن يقول: إنّنا نعلم أنّ التأخّر الرتبي لوجوب الصلاة عن زوال الشمس نتج عن أنّ زوال الشمس شرط أو سبب، ولو لم يكن زوال الشمس سبباً أو شرطاً لوجوب الصلاة لما كان وجوب الصلاة متأخّراً عن زوال الشمس، فإنّما صار متأخراً لأنّه شرط أو سبب، فكيف يمكن أن تكون الشرطيّة أو السببيّة منتزعةً عن الحكم التكليفي وهو وجوب الصلاة؟! فلو كان وجوب الصلاة ثابتاً بقطع النظر عن الشرطيّة والسببيّة عندئذ قولوا: إنّ الشرطيّة منتزعة عن الحكم التكليفي، وهو وجوب الصلاة مثلاً، لكنّه ليس من المحتمل أن يكون وجوب الصلاة ثابتاً بقطع النظر عن الشرطيّة والسببية؛ لأنّ وجوب الصلاة متأخّر رتبة عن زوال الشمس، وهذا التأخّر الرتبي لا يمكن أن يكون


(1) ج 2، ص 303 ـ 304 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقات المشكيني