المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

252


أي: إنّ الزوال فيه مصلحة تقتضي أن نصلّي، وهذا يخلق إرادة في نفس المولى للقضيّة الشرطيّة، وهذه الإرادة تخلق لديه دافعاً للجعل فيجعل، وبعد تماميّة الجعل ينتزع من هذا الجعل المشروط حينما قال: إذا زالت الشمس فصلِّ كون زوال الشمس علّة أو سبباً أو شرطاً لوجوب الصلاة، وهنا لا يقصد بذلك أنّ زوال الشمس سبب لهذا الجعل حتّى يقال: إنّ السببيّة كانت قبل الجعل؛ إذ لولا أنّ زوال الشمس كان سبباً لهذا الجعل لما جعل المولى؛ لأنّ المولى عاقل لا يتحرّك إلاّ وفق العقل، وإنّما يقصد بذلك أنّ هذا سبب لفعليّة الجعل بعد ذلك الجعل، ولو لا هذا الجعل فمهما زالت الشمس لم يكن يصبح الجعل فعلياً بشأنه؛ لأنّه لا يوجد جعل حتّى يصبح فعلياً بشأنه، إنّما الآن يصبح الجعل فعلياً بشأنه بسبب الزوال؛ لأنّ الجعل تحقّق، والجعل كان مشروطاً ومقيّداً ومضيّقاً بزوال الشمس، فبمجرّد أن تزول الشمس يصبح الجعل فعلياً بشأنه، فصار زوال الشمس سبباً، هذا ما يقصده من يقول: إن زوال الشمس سبب لفعليّة التكليف، أو سبب للمجعول، وإنّ هذه السببية منتزعة من الجعل، ولا عيب في ذلك، ولا يصبح كلّ شيء سبباً لكلّ شيء، ولا كلّ شيء علّة لكلّ شيء، ولا يلزم من ذلك كون الإنشاء والجعل التشريعي خالقاً للآثار التكوينية، هذا على لغة الشيخ النائيني، وعلى لغة مدرسته.

وأمّا على لغة اُستاذنا فأيضاً لا نحتاج إلاّ إلى تغيير العبارة، فنقول: إنّ زوال الشمس يكون سبباً لصيرورة الموضوع طرفاً للجعل، وهذه الطرفيّة لعالم الجعل شيء تكويني، وكذلك زوال الشمس شيء تكويني يؤثّر في عالم الطرفيّة للجعل باعتبار أنّ زوال الشمس قد اُخذ في عالم الجعل، فصار وجوده محقّقاً لطرفية الموضوع للجعل؛ لأنّ الطرفية هي طرفيّة للجعل، ومن الطبيعي أن ما اُخذ في الجعل يحقّق هذه الطرفيّة.

هذا إذا آمنّا بالفكرة المعروفة القائلة بمرحلة الجعل التي تكون بين المبادئ والإبراز.

أمّا إذا أنكرنا مرحلة الجعل، وقلنا: إنّ لدينا مبادئ المصلحة أو المفسدة، ثمّ لدينا الحبّ والبغض، أو الإرادة والكراهة، ثمّ لدينا عالم الإبراز، وبعد ذلك لدينا الامتثال، والحبّ والبغض المبرزان يجب امتثالهما بلا حاجة إلى عالم الجعل، إن قلنا هكذا فمن الطبيعي أنّ السببيّة والشرطيّة ليست مجعولة لا مستقلة ولا منتزعة من جعل؛ إذ لا جعل في المقام أصلاً، لكنّ هذا رجوع إلى إنكار الجعل حتّى في الأحكام التكليفيّة، وليس هذا بياناً لقسم جديد للأحكام الوضعية.

وعلى أيّ حال، نقول: إنّ هذه الشرطيّة منتزعة، وهي شرطيّة للفعليّة على مصطلح الشيخ النائيني ومدرسته، فحينما نقول: إنّ زوال الشمس شرط لوجوب الصلاة نقصد الوجوب بمعنى فعليّة الإرادة، وليس فعليّة الجعل، وهذه الشرطيّة منتزعة من كونه قيداً في عالم الإرادة التي تعلّقت بنحو القضية الحقيقية الشرطية بالصلاة على تقدير زوال الشمس، وتلك القضية الشرطية ليست مجعولة بل موجودة في عالم الإرادة. وعلى لغة اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) نقول: إنّ زوال الشمس شرط للطرفيّة لتلك الإرادة، وهذه الشرطية ـ أيضاً ـ منتزعة من تلك الإرادة المقيّدة بالزوال.

هذا تمام ما أردنا ذكره كمناقشة لكلام المحقّق الخراساني(رحمه الله) في المقام.

مناقشة السيد الخوئي واُستاذه لاستدلال الشيخ الخراساني:

هذا. وقد ورد في كلمات السيّد الخوئي وقبله في كلمات اُستاذه الشيخ النائيني(رحمه الله) أيضاً الردّ على كلام المحقّق