المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

253


الخراساني بأنّ في كلامه خلطاً بين الجعل والمجعول(1).

ونقطة الضعف في كلام العَلَمين: السيّد الخوئي واُستاذه الشيخ النائيني هي الخلط بين برهاني المحقّق الخراساني(رحمه الله) وعدم التمييز بينهما، لكي يردّ كلّ منهما على حدة بالشكل المناسب له كما مضى منّا.

وعلى أيّة حال، فقد ورد في الكلمات المنقولة عن الشيخ النائيني تعبير آخر إضافة إلى التعبير بالخلط بين الجعل والمجعول، وهذا التعبير لم يكن بعنوان اشكال جديد بل كان بعنوان تعبير آخر عن نفس المطلب، وهذا التعبير لم يرد في عبائر السيّد الخوئي بقدر ما ورد في تقرير بحث الشيخ النائيني، وهذا التعبير الإضافي الوارد في كلام الشيخ النائيني ـ حسب ما يذكره المقرّر وهو الشيخ الكاظمي(رحمه الله)ـ هو أنّ الشيخ الآخوند خلط بين موضوعات الأحكام، وعلل التشريع، فالدلوك موضوع للحكم، والمصلحة هي مصلحة إيجاد الصلاة لدى الدلوك، ومصالح التشريع هي أسباب تكوينية للتشريع كما يقوله الآخوند، وتلك المصالح هي التي دعت المولى إلى التشريع، أو قل: علم المولى بتلك المصالح هو السبب، أو قل: المصالح علّة غائيّة، أو العلم بها علّة فاعليّة، وهذه علّة سببيّة تكوينية، وليست منتزعة من تشريع لا مستقلاً، ولا انتزاعاً، ولا تبعاً ولكن بعد أن شرّع ذلك أصبح الدلوك موضوعاً للحكم، ويقصد بالحكم المجعول، وصار الدلوك سبباً، وهذه السببيّة منتزعة، ولا أظنّ أنّ الشيخ النائيني يقصد بهذا الكلام مطلباً إضافياً، وإنّما يقصد تعبيراً آخر عن نفس ذلك المطلب، ويقصد بالحكم المجعول، أو فعليّة الحكم، ويقصد بالتشريع الجعل، والدلوك يسمّيه بموضوع المجعول، والمصلحة يسمّيها بملاك التشريع، وعلّة التشريع، ويقول: إنّ الشيخ الآخوند خلط بين علل التشريع وموضوعات الأحكام، وعلل التشريع هي علل تكوينيّة وأسباب تكوينيّة، وليست السببيّة هناك انتزاعيّة، وموضوع الحكم سبب، وسببيّته انتزاعية. هذه خلاصة كلام الشيخ النائيني. ولعل هذا التعبير من الشيخ النائيني ـ أعني: التعبير بالخلط بين موضوعات الأحكام وعلل التشريع ـ هو الذي أثار الشيخ العراقي(رحمه الله)، فالشيخ العراقي يقول: كيف يدّعي الشيخ النائيني أنّ الشيخ الآخوند خلط بين علل التشريع وموضوعات الأحكام. هذه جسارة من الشيخ النائيني(هذه الكلمة، أعني: كلمة«الجسارة» موجودة في تعليقة الشيخ العراقي على تقرير الشيخ الكاظمي(2) عجباً هل الشيخ الآخوند تكلّم في المصلحة والمفسدة؟! بل إنّ صريح كلامه أنّه يتكلّم في الدلوك، وهذا يعني أنّه متوجّه إلى الموضوع مباشرة، فأين الخلط بين الموضوع والعلّة، ولم يتكلّم عن المصلحة أو العلم بالمصلحة؟!

يقول: الشيخ العراقي(رحمه الله): إنّ تفسير كلام الشيخ الآخوند مايلي: الشيخ الآخوند يريد أن يقول: إنّ الدلوكليس علّة للحكم، بل هو مقيّد للحكم، وفرق بين العلّة والسبب وبين المقيِّد، فالسبب يولّد المسبّب، أو العلّة تولّد المعلول، أمّا المقيّد فليس يولّد الحكم أو يخلق الحكم، فالدلوك قيد للحكم، أي: إنّ المولى جعل الحكم مقيّداً بالدلوك، فالمولى قد يجعل وجوب الصلاة على الإطلاق، وقد يجعل وجوب الصلاة عند الدلوك، ويقول: إذا زالت


(1) راجع مصباح الاصول: ج 3، ص 81 بحسب طبعة مطبعة النجف. وفوائد الاصول: ج 4، ص 395 ـ 397 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم. وأجود التقريرات: ج 2، ص 385.

(2) راجع فوائد الاصول: ج 4، ص 396 تعليق الشيخ العراقي تحت الخط، بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم