المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

262


وعليه كذا، والزوجة لها كذا وعليها كذا، فهذا تسهيل لتنظيم الاُمور وتقنينها اعتاده العقلاء(1).

القسم الثاني من التقسيم المشهور للأحكام الوضعيّة:

وأمّا الأمر الثالث: وهو البحث عن القسم الثاني من القسمين المعروفين للأحكام الوضعيّة، وهي الانتزاعية، فمقصودنا من البحث عن ذلك البحث عن المثال المعروف لذلك، وهو الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة، فحينما يقال: السورة جزء من الصلاة، يقال: إنّ الجزئية منتزعة من الأمر بالصلاة مع سورة، أو حينما يقال: الطهارة شرط في الصلاة، يقال: إنّ الشرطيّة أمر منتزع من الأمر بالصلاة المقترنة بالطهارة، وحينما يقال: إنّ الحركة الماحية للصورة مانعة أو قاطعة لصورة الصلاة. فهذه المانعية منتزعة من الأمر بالصلاة الفاقدة لهذا المانع. هذا ما يقال عادة.

تفصيل المحقّق العراقي بين(الجزئيّة) و (الشرطيّة والمانعيّة):

والشيء الطريف ما رأيته في كلام الشيخ العراقي(رحمه الله) من تفصيل بين الجزئيّة من ناحية وبين الشرطيّة والمانعيّة من ناحية اُخرى، فيفترض في الجزئيّة أنّها منتزعة من الحكم التكليفي، كالأمر بالصلاة مع السورة مثلاً، لكن الشرطيّة أو المانعيّة ليستا منتزعتين من الأمر، بل هما ثابتتان قبل الأمر، وإنّما أمر المولى بالصلاة المقترنة بالطهارة؛ لأنّ الطهارة كانت شرطاً، ولهذا أمر المولى بالصلاة مع الطهارة، ولو لم تكن شرطاً لما كان يأمر بذلك أو نهى المولى عن المانع، كالتحرك الماحي للصورة؛ لأنّه كان مانعاً، وإلاّ لم يكن ينهى، فيفرّق بين الجزئيّة وبين الشرطيّة والمانعيّة(2).

والذي يبدو لي من ظواهر عبائره المقتضبة في المقالات والمشروحة في التقريرات هو أنّه يريد أن يقول في مقام بيان الفرق بين الجزئيّة من ناحية وبين الشرطيّة والمانعيّة من ناحية اُخرى: إنّ الشرطيّة والمانعيّة مرجعهما إلى التقييد، فكون الطهارة شرطاً يعني: أنّ الصلاة مقيّدة بالطهارة، وكون الاستدبار مثلاً مانعاً والحدث مانعاً، أو كلام الآدمي مانعاً يعني: أنّ الصلاة مقيّدة بعدم هذه الاُمور، والتقييد مرجعه إلى التحصيص، والتحصيص يثبت قبل الأمر؛ ذلك لأنّ التحصيص راجع إلى عالم المفاهيم وعالم الذهن، والمفهوم في عالم الذهن قابل للتحصيص، يحصّص فيقال: الصلاة مفهوم مطلق لو جعلناها اسماً للأعمّ يشمل حتّى الصلاة بلا طهارة، فلو قلنا: الصلاة مع طهارة صارت حصّة معيّنة، وهذا التحصيص يتمّ قبل الأمر، وبعد ذلك يأتي الأمر على هذه الحصّة، وإنّما نحصّص لأجل المصلحة، أي: لأنّ المصلحة في الصلاة المحصّصة بالطهارة، أو الصلاة المحصّصة بعدم كلام الآدمي ونحو ذلك، وعلى أيّ حال فالتحصيص يكون قبل الأمر، وليس التحصيص بالأمر؛ لأنّ الأمر يتعلّق بالمحَصّص، وعليه فالوضوء شرط قبل الأمر، وهو طرف للإضافة وطرف للصلاة المقيّدة بالوضوء، وكون الوضوء شرطاً يعني: كونه


(1) راجع المصدر السابق: ص 19 بحسب الطبعة الماضية

(2) راجع نهاية الأفكار القسم الأوّل من الجزء الرابع، ص 90 ـ 93 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، والمقالات: ج2، 370 ـ 374 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلامي بقم