المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

270

هذا تمام ما أردنا أن نذكره من التفاصيل التي تقال في الاستصحاب مع تفنيدها، وبعد هذا نشرع في ذكر تنبيهات الاستصحاب.

 

 


للطهارة الخبثية، وإثبات أنّ الطهارة الخبثية إذن تشريعيّة، بل أصبح هذا الشكّ والإجمال مانعاً عن الجزم بالإطلاق، فإنّ وحدة السياق صرفت قوله:«كما جعل الماء طهوراً» إلى الجعل التشريعي. فلو كانت الطهارة الخبثية تكوينيّة لا تشريعيّة فالكلام منصرف عنها.

وأمّا الرواية الاُولى فعيبها اشتمالها على أمر خرافيّ يقطع بكذبه، وهو أنّ بني إسرائيل كانوا يقرضون لحومهم بالمقاريض إذا أصاب أحدهم البول.

نتيجة البحث:

فإذا لم يتمّ دليل على تشريعيّة الطهارة والنجاسة قلنا: لا إشكال في أنّ الطهارة والنجاسة حتّى لو كانتا أمرين تشريعيّين ومجعولين فهما في غير مثل الكافر الذي لا تكون نجاسته ناظرة إلى قذارة تكوينيّة، بل قذارته معنوية بحت، لا شكّ في أنّهما تكشفان عن نوع من نظافة وقذارة تكوينيّتين، فإما أنّ تلك النظافة والقذارة التكوينيّتين هما الطهارة والنجاسة بمعناهما الشرعي، أي: أنّ الطهارة والنجاسة الشرعيتين أمران تكوينيان كشف عنهما الشارع، وإمّا أنّهما الملاك لتشريع الطهارة والنجاسة وجعلهما، فاصل ثبوت نظافة وقذارة تكوينيّة في موردهما ممّا لا شكّ فيه، ووجود أمر مجعول هو المشكوك، وهو الذي يحتاج إلى دليل وعدم تماميّة شيء من الأدلّة على ذلك كاف في عدم ترتيب الأثر العملي الذي يترتّب على مجعوليّة الطهارة والنجاسة.

والأثر العملي لذلك يظهر في موارد استصحاب النجاسة لدى ارتفاع بعض مستويات القذارة التكوينيّة ببعض التطهيرات التكوينيّة التي شككنا بنحو الشبهة الحكميّة في كفايتها في التطهير شرعاً، فبناءً على كون الطهارة والنجاسة أمرين تشريعيّين يجري استصحاب النجاسة؛ لأنّها كانت مقطوعاً بها وقد شككنا في ارتفاعها. أمّا بناءً على كونهما أمرين تكوينيّين فيشكل الاستصحاب؛ لأنّ المفروض أنّ مستوىً من القذارة أو النجاسة التكوينيّة قد ارتفع يقيناً، والمستوى الآخر لم يثبت كونه موضوعاً للأحكام، فتصل النوبة إلى الاُصول الحكميّة المتأخّرة والتي تختلف باختلاف الموارد.

هذا تمام ما أردنا بيانه تحت عنوان بحث الحكم الوضعي، والحمد لله ربّ العالمين.


(1) الوسائل: ب 24 من التيمّم، ح 2

(2) الوسائل: ب 9 من أحكام الخلوة، ح 1