المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

275

مقام القطع الموضوعي بحسب عالم الإثبات، ونحذف هنا البحث الثبوتي، فإنّ البحث عن قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي والموضوعي وترتّب التنجيز والتعذير عليه مع آثار القطع الموضوعي تارة يكون ثبوتياً، أي: بحثاً عن إمكان إثبات ذلك من كلام يفرض وروده من الشارع، واُخرى اثباتياً وهو دلالة العبارة الواردة في تشريع الاستصحاب على ذلك بعد الفراغ عن إمكان ذلك ثبوتاً. أمّا البحث الثبوتي فقد مضى منّا مفصّلاً في مبحث القطع فنحذفه هنا، وأمّا البحث الإثباتي ـ بعد فرض الفراغ عن مرحلة الثبوت ـ فيمكن تقريب مفاد دليل الاستصحاب بنحو ينسجم مع قيامه مقام القطع الطريقي والموضوعي معاً بوجوه:

الوجه الأوّل: ما يُتراءى من بعض كلمات السيّد الاُستاذ(1) ـ وإن لم يكن التفاته الأساسي إلى هذا البحث ـ من أنّ مفاد دليل الاستصحاب بمدلوله المطابقي هو التعبّد ببقاء اليقين، وإذا تعبّدنا ببقاء اليقين عملنا ـ لا محالة ـ بكلا قسمي آثاره، أي: آثاره العقليّة من التنجيز والتعذير، وآثاره الشرعيّة كجواز الإفتاء مثلاً.

وكلماته وإن كانت مجملة من ناحية: أنّه هل يقصد كون المدلول المطابقي لدليل الاستصحاب هو التعبّد ببقاء اليقين، أو يقصد: أنّه يستفاد ذلك منه ولو بغير الدلالة المطابقية الابتدائية، لكن يتراءى من بعض كلماته(2) الأوّل.

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ هذا موقوف على كون المدلول المطابقي لدليل الاستصحاب هو النفي لا النهي، فيكون قد نفى انتقاض اليقين، أي: أنّه حكم تعبّداً ببقاء اليقين، فيكون هذا مثلاً من قبيل ما لو قال (اليقين باق)، ولو قال هكذا فلا إشكال بعد فرض الفراغ عن مرحلة الثبوت في أنّه يرتّب آثار اليقين الطريقي والموضوعي معاً، ولكن هذا غير ثابت، فلعلّ المدلول المطابقي لقوله:«لا ينقض اليقين الشكّ» هو النهي، بل بعض عبارات الأدلّة صريحة في النهي، كما في(لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ). نعم يمكن أن يفرض أنّ النهي كناية عن نفي الانتقاض، لكن هذا يكون تقريباً آخر يأتي ـ إن شاء الله ـ غير ما هو المفروض الآن من دلالة الدليل بالمطابقة على المقصود.


(1) لعلّه(رحمه الله) ينظر إلى ما أفاده السيّد الخوئي في بحث القطع، راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 38 ـ 39، والدراسات: ج 3، ص 37.

(2) لعلّه(رحمه الله) ينظر إلى المورد الذي أشرنا إليه، أو إلى كلام السيّد الخوئي في بحث الشكّ في المقتضي، راجع مصباح الاُصول: ج 3، ص 30.