المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

286

وثانياً: لا وجه للجمود على حاقّ اللفظ في قوله:«لا ينقض اليقين بالشكّ» فإنّ العرف لا يحتمل كون فعليّة الشكّ دخيلة في عدم النقض، ويرى أنّ مناط عدم النقض هو ما للشكّ من الوهن الثابت فيه من دون فرق بين فرض فعليّته أو تقديريّته، وتقديريّته لا تجعله أقلّ وهناً إن لم نقل إنّ فعليّته تجعله في نظر العرف أقلّ وهناً. إذن فالعرف لا يحتمل أنّ الشكّ لدى فعليّته لا ينقض اليقين السابق، ولدى تقديريّته ينقض.

هذا. وإن تمّ هذا الوجه جرى في سائر روايات الباب أيضاً، على أنّ الوجه الأوّل ـ أيضاً ـ تامّ في صحيحة عبدالله بن سنان التي تمّت عندنا سنداً ودلالةً على الاستصحاب؛ إذ يقول: فيها:«إنّك قد أعرته إيّاه وهو طاهر، ولم تستيقن أنّه قد نجّسه»، فترى أنّه جعل العبرة بعدمه اليقين بالخلاف، لا بالشكّ المساوق للتردّد المستظهر منه فعليّة الشكّ مثلاً، وكذا الحال في روايات:(كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر) و(كلّ شيء حلال حتّى تعلم أنّه حرام) بناءً على مبنى المحقّق الخراساني(رحمه الله) من تماميّة دلالتها على الاستصحاب، فإنّه ـ أيضاً ـ جعل العبرة فيها بعدم العلم بالخلاف دون الشكّ.

 

ثمرة البحث في جريان الاستصحاب عند الشكّ التقديري:

أمّا الكلام في ثمرة هذا البحث، فقد ذكر المحقّق الخراساني(رحمه الله) وغيره: أنّه تظهر ثمرة البحث في ما إذا كان محدثاً، ثمّ غفل وصلّى، ثمّ التفت.

توضيح الكلام في ذلك: أنّه إذا كان محدثاً ثمّ غفل وصلّى، ثمّ التفت إلى المطلب، واحتمل أنّه من باب الصدفة توضّأ في حالة غفلته، وكان في حال غفلته بنحو لو التفت لشكّ في بقاء الحدث ولم يجزم ببقائه، فهنا هل يحكم بصحّة الصلاة على أساس قاعدة الفراغ، أو لا؟ إن بنينا على عدم جريان الفراغ في موارد كون احتمال الصحّة من باب احتمال الإتيان بالشرط أو الجزء من باب الصدفة، لا في حال الذكر والعمد ـ كما هو الصحيح ـ، فلا إشكال في أنّه لا يحكم بصحّة هذه الصلاة، من دون فرق بين أن يحكم بجريان الاستصحاب لدى الشكّ التقديري وعدمه، ولا يبقى موضوع لهذه الثمرة، وإنّما تفرض في موضوع هذه الثمرة دعوى جريان قاعدة الفراغ حتّى عند إحتمال الصحّة من باب الصدفة، ومن دون فرض الأذكريّة، وعندئذ نقول: لو لم نقبل الاستصحاب عند الشكّ التقديري صحّت الصلاة بقاعدة الفراغ؛ إذ لا يعارضه لا الاستصحاب في حال الصلاة، لعدم جريانه فيها، لكون الشكّ تقديرياً، ولا الاستصحاب بعد الصلاة، لتقدّم قاعدة الفراغ عليه، ولو قبلنا الاستصحاب عند الشكّ