المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

292

استصحاب الطهارة فيجري بعد الصلاة إذا لم يحصل له العلم بتوارد الحالتين، وإلاّ فلا يجري، ولا ثمرة للاستصحاب حال الصلاة.

2 ـ واُخرى نفرض كونه قبل الصلاة عالماً بالحدث. وهذا ـ أيضاً ـ يشمل ثلاثة من تلك الفروع:

الأوّل: أن يعلم بالحدث ثمّ يشكّ في بقائه، ويصلّي. وهنا لا تجري قاعدة الفراغ؛ لانتفاء شروطها الثلاثة، ولا استصحاب الطهارة؛ لعدم كون الحالة السابقة هي الطهارة، ويجري استصحاب الحدث فتجب عليه الإعادة أو القضاء إن لم يحصل له العلم بتوارد الحالتين. وأمّا إن حصل له العلم بتوارد الحالتين فلا يجري استصحاب الحدث، فإن كان ذلك في الوقت وجبت عليه الإعادة؛ لأصالة الاشتغال، وإن كان في خارج الوقت لم يجب عليه القضاء.

الثاني: أن يعلم بالحدث ثمّ يغفل، ويصلّي، ثمّ يلتفت ويحصل له الشكّ، والمفروض كونه في حال الغفلة بحيث لو التفت لشكّ. وهذا هو ما جعلوه مورداً للثمرة، فقالوا: لو اكتفينا بالشكّ التقديري بطلت صلاته؛ لجريان استصحاب الحدث حال الصلاة، ولا تجري قاعدة الفراغ؛ لإنتفاء الشرط الثالث، وإلاّ صحّت صلاته بقاعدة الفراغ. وقد عرفت أنّ الشرط الثالث غير صحيح. وعندئذ إن التزامنا بالشرط الثاني فقاعدة الفراغ غير جارية مطلقاً؛ لفقدانه هنا، ولا تظهر الثمرة. وإن لم نلتزم بالشرط الثاني فقاعدة الفراغ جارية، ومضى بيان النسبة بينها وبين الاستصحاب، وقلنا إنّها تقدّم على الاستصحاب على كلّ حال بملاك الأخصّية أو ما بحكم الأخصّية.

الثالث: أن يعلم بالحدث ثمّ يشكّ في بقائه، ثمّ يغفل ويصلّي، ثمّ يلتفت، ـ وقد فُرِض في المقام أنّه لا يحتمل صدور الوضوء منه حال الغفلة ـ وذهب الشيخ الأعظم(قدس سره)(1) هنا إلى أنّه لا معنى لجريان قاعدة الفراغ على كلّ حال، ويحكم ببطلان صلاته؛ إذ المفروض أنّه بعد زوال الشكّ بالغفلة لم يتطهّر. إذن فيقطع بأنّه قد صلّى مع الحدث الاستصحابي، لفرض القطع بعدم مجيء الرافع لما حصل له عند الشكّ من الحدث الاستصحابي.

نعم، لو احتمل الوضوء في حال الغفلة لم يجرِ هذا الكلام.


(1) راجع فرائد الاُصول: ص 321 بحسب طبعة مكتبة المصطفوي المشتملة في حاشيتها على تعليقات رحمة الله.