المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

293

وأشكل عليه جملة من المتأخّرين عنه، ومنهم السيّد الاُستاذ(1)، بأنّ الحدث الاستصحابي قد زال بزوال موضوعه، وهو الشكّ، فإنّ الشكّ لم يكن أحد الأحداث كالنوم والبول حتّى لا يزول أثره إلاّ بطروّ رافع للحدث، وإنّما الشكّ يوجب الحكم الظاهري بالحدث، ويزول هذا الحكم بارتفاع موضوعه.

وتحقيق الكلام في المقام ـ بعد الاعتراف بورود هذا الإشكال على الشيخ الأعظم(رحمه الله) ـ هو: أنّ الشكّ كالعلم والظنّ ونحوه لا يزول بمجرّد عدم الالتفات إليه وحصول الغفلة عنه، وإنّما يبقى مترسّباً في الأعماق، ويكون مستمرّاً: إمّا دقّةً وعرفاً، وإمّا عرفاً فقط ـ على أقلّ تقدير ـ، فهذه المسألة لا ترتبط أصلاً بمسألة الشكّ التقديري، وكان الشكّ في حال الصلاة فعلياً، وعندئذ إن كان المدرك لعدم جريان الاستصحاب في موارد الشك التقديري هو المحذور الإثباتي، وهو الذي ذكره الشيخ الأعظم(قدس سره) وغيره، فهذا المدرك غير موجود هنا؛ لثبوت الشكّ فعلاً، فيشمله دليل الاستصحاب المفروض أنّه اُخذ في موضوعه الشكّ الفعلي. نعم، إن كان المدرك لعدم جريان الاستصحاب في موارد الشكّ التقديري ما أضافه بعض المتأخّرين من الإشكال الثبوتي، وهو عدم قابلية المورد للتنجيز والتعذير، فهذا الإشكال يأتي هنا أيضاً؛ إذ مع الغفلة لا يمكن التنجيز والتعذير، ومجرد وجود الشكّ في أعماق النفس دون التفات إليه لا يكفي لإمكان التنجيز والتعذير. ولكن ـ على أيّ حال ـ لا أثر لاستصحاب الحدث حال الصلاة، وإنّمايجب أن نرى أنّه هل تجري بعد الصلاة قاعدة الفراغ، فتقدّم على الاستصحاب على كلّ حال، أو لا تجري كما هو الحقّ؛ لفقدان الشرط الأوّل والثاني، وكذا الثالث بناءً على جريان استصحاب النجاسة هنا في حال الصلاة، فيجري عندئذ إستصحاب النجاسة بعد الصلاة، وهو يكفي للحكم بالبطلان، إلاّ إذا حصل العلم بتوارد الحالتين، فلا يجري الاستصحاب، ولا يفيد ثبوت الاستصحاب حال الصلاة؛ لأنّه حينما انقطع بعد الصلاة انقطع معه تنجيزه، وعندئذ لو كان في الوقت وجبت عليه الإعادة، ولو كان في خارج الوقت لم يجب عليه القضاء.

3 ـ وثالثة نفرض كونه قبل الصلاة عالماً بالطهارة والحدث معاً، وحينما برز منه الشكّ تردّد بين المقدّم منهما والمؤخّر، وهذا ـ أيضاً ـ يجمع ثلاثة فروع:

الأوّل: أن يعلم في وقت بالطهارة وفي وقت آخر بالحدث ـ بلا فرق بين المقدّم منهما


(1) راجع مصباح الاُصول للسيّد سرور: ج 3، ص 93 ـ 94 بحسب طبعة مطبعة النجف.