المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

294

والمؤخّر ـ، ثمّ يشكّ في التقدّم والتأخّر، ويصلّي في حال الشكّ. وهنا لا تجري قاعدة الفراغ؛ لفقدان الشرط الأوّل والثاني، وأمّا الثالث فهو - أيضاً ـ مفقود لو أردنا من الحكم بالبطلان في الشرط الثالث ما يشمل أصالة الاشتغال، وإلاّ فلا، كما لا يجري ـ أيضاً ـ الاستصحاب؛ لأنّه من باب توارد الحالتين الذي لا يجري فيه الاستصحاب، إمّا في نفسه أو للمعارضة، فتصل النوبة إلى قاعدة الاشتغال.

الثاني: أن يعلم في وقت بالطهارة وفي وقت بالحدث، ثمّ يدخل رأساً في حالة الغفلة، لكنّه يكون بحيث لو التفت لشكّ في المتقدّم منهما والمتأخّر، وصلّى ثمّ التفت، فشكّ في المتقدّم منهما والمتأخّر. وهنا الشرط الأوّل لقاعدة الفراغ موجود؛ لعدم سبق الشكّ. والشرط الثالث ـ أيضاً ـ موجود؛ إذ لا حكم بالبطلان في حال الصلاة، لا عقلاً بمعنى قاعدة الاشتغال؛ إذ المفروض كونه غافلاً، ولا شرعاً بمعنى استصحاب الحدث، فإنّ استصحاب الحدث ـ بناءً على جريانه عند الشكّ التقديري ـ يكون هنا غير جار. إمّا في نفسه وإمّا للمعارضة؛ لأنّ المورد من موارد توارد الحالتين، أي: إنّ الشكّ التقديري في المقام يكون بنحو لو صار فعلياً لكان شكّاً في باب توارد الحالتين، ولكن الشرط الثاني وهو الأذكرية غير موجود، فجريان قاعدة الفراغ وعدمه هنا فرع الالتزام بالشرط الثاني وعدمه، فعلى الأوّل لا يجري، وعلى الثاني يجري. وأمّا الاستصحاب فلا يجري لتوارد الحالتين.

الثالث: أن يحصل له أوّلاً العلم بتوارد الحالتين والشكّ في المقدّم منهما والمؤخّر، ثمّ يغفل ويصلّي، ثمّ يلتفت. وهنا لا تجري قاعدة الفراغ لفقدان الشرط الأوّل والثاني، ولا الاستصحاب لكون المورد من موارد توارد الحالتين، فتصل النوبة إلى قاعدة الاشتغال لو التفت في الوقت، والبراءة لو التفت خارج الوقت(1).

بقي في المقام شيء وهو: أنّنا لو فرضنا في مورد مّا الحكم الظاهري موضوعاً بوجوده الواقعي، لا بوجوده الواصل لأثر شرعي ظهرت الثمرة للبحث، حيث إنّ الاستصحاب لو كان ثابتاً في مورد الشكّ التقديري كفى ذلك في ثبوت ذاك الأثر الشرعي، وإن لم يصل ذاك الاستصحاب إلى المكلّف ما دام غافلاً، وذلك يكون لدى فرض وجود أثر للمستصحب، أو


(1) إجراء البراءة في خارج الوقت يناسب الفرع السابق بعد فرض عدم جريان قاعدة الفراغ ولا الاستصحاب، ويناسب ـ أيضاً ـ هذا الفرع فيما إذا افترضنا أنّ الغفلة كانت مستوعبة لتمام الوقت ثمّ انتبه بعد نهاية الوقت. أمّا إذا فرضنا أنّه في أوّل الوقت كان منتبهاً ثمّ غفل فصلّى ثمّ التفت بعد الوقت، فلا مجال للبراءة؛ لأنّه تنجّز عليه في أوّل الوقت أن يصلّي بوضوء جديد لو لم يتذكّر تأخر الطهارة عن الحدث، ولم يفعل ذلك، فعليه القضاء.