المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

299

الاستصحاب، حيث يقول(رحمه الله): إنّ الحدوث اُخذ لكي يكون التعبّد في البقاء(1).

وهذا الكلام فيه احتمالان مستفادان من مجموع النكات الموجودة في كلامه(قدس سره).

الأوّل: أن يقصد أنّ الحدوث ليس ركناً في الاستصحاب، وإنّما الركن الصحيح في الاستصحاب هو الركن الثاني، وهو الشكّ في البقاء، وإنّما فرض الحدوث تحقيقاً للركن الثاني ـ وهو الشكّ في البقاء ـ باعتبار أنّ الشكّ في البقاء لا يتحقّق إلاّ مع فرض الحدوث.

الثاني: أن لا ينظر إلى مسألة الشكّ، وإنّما يقصد بهذا الكلام أنّ التعبّد تارةً يكون بالحصّة الحدوثية، واُخرى بالحصّة البقائية، وثالثة بالجميع، والمفروض في دليل الاستصحاب إنّما هو التعبّد بالحصّة البقائية، فلهذا فرض الحدوث مفروغاً عنه وجداناً حتّى يقع التعبّد في حصّة البقاء.

أقول: أمّا ما يستفاد من صدر كلامه(رحمه الله) من عدم أخذ اليقين بالحدوث في الاستصحاب، وأنّ المأخوذ في الاستصحاب نفس الحدوث، فهذا ليس فيه إشكال من حيث الثبوت، فبالإمكان أن لا يؤخذ اليقين في الاستصحاب، وتؤخذ ذات الحالة السابقة، ويرتفع بذلك الإشكال في المقام، حيث يقال: إنّ الحالة السابقة ثبتت بالتعبّد بالأمارة، والشكّ ثابت بالوجدان، فيجري الاستصحاب.

وأمّا من حيث الإثبات فالذي تمسّك به المحقّق الخراساني(رحمه الله) في مقام استظهار عدم أخذ اليقين بالحدوث في الاستصحاب، وأنّه إنّما اُخذ ذات الحدوث لا العلم به، هو أنّ اليقين باعتبار ما له من صفة الطريقية والكشف يكون ظاهر أخذه في لسان دليل هو أخذُه فيه بما هو مرآة إلى متعلّقه، وبما هو معنىً حرفي، وفان في المتعلّق.

والتحقيق: أنّ ما أفاده(قدس سره) غير صحيح.

وهو(رحمه الله) أشار في بحث الاجتهاد والتقليد إلى أنّ ما ارتكبه في بحث الاستصحاب كان تكلّفاً(2).

والوجه في عدم صحّته هو: أنّ أخذ اليقين مرآةً إلى المتيقّن ـ بغض النظر عن عدم معقوليته في نفسه كما شرحناه في بعض المباحث السابقة(3) ـ يكون خلاف الظاهر، فإنّ ظاهر أخذ كلّ عنوان كونه مأخوذاً بنفسه، لا بما هو مرآة الى شيء آخر غير مصاديقه لو


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 309 ـ 310 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليقات المشكيني.

(2) لم أجده في الكفاية.

(3) مضى ذلك في بحث الشكّ في المقتضي.