المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

309

بالحدوث، ولو قصد استصحاب الحكم الظاهري فلا شكّ في البقاء. وإذا بنى المحقّق النائيني(رحمه الله) على قيام الاُصول مقام القطع الموضوعي فقد ارتفع الإشكال بلحاظ الشقّ الأوّل، وهو استصحاب الحكم الواقعي، وجرى الاستصحاب.

هذا. ولا يصحّ الجواب عن إشكال الشق الثاني بما مضى في الوجه الثالث من وجوه الحل للاشكال في الأمارات من استصحاب روح الحكم الظاهري، وهو شدّة الاهتمام أو عدم الاهتمام؛ إذ لو سلّم القطع ببقاء الحكم الظاهري فقد سلّم القطع ببقاء روحه من شدّة الاهتمام أو عدمها.

هذا. وإشكال الشقّ الثاني يسري منه إلى استصحاب الجامع بين الشقّين الذي هو الوجه الأوّل من وجوه حلّ الإشكال في الأمارات، فكما يقال في الشقّ الثاني: إنّ الطهارة الظاهرية مقطوعة البقاء كذلك يقال في استصحاب الجامع بين الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية بأنّه مقطوع البقاء ببقاء أحد فرديه، وهو الطهارة الظاهرية.

وتحقيق الحال في المقام تارةً يقع في الشقّ الأوّل، أعني: استصحاب الطهارة الواقعية، واُخرى يقع في الشقّ الثاني، أعني: استصحاب الطهارة الظاهرية.

أمّا الشقّ الأوّل، وهو استصحاب الطهارة الواقعية فكان إشكاله عبارة عن عدم اليقين بالحدوث، ويمكن الإجابة عليه بأحد تقريبات ثلاثة:

التقريب الأوّل: إنكار أخذ اليقين بالحالة السابقة في الاستصحاب، وكفاية نفس الحالة السابقة.

وهذا التقريب كان ينفعنا في باب الأمارات من باب أنّ موضوع الحكم بالاستصحاب، وهو نفس الحالة السابقة، كنّا نثبته تعبّداً بالأمارة، فكنّا نرتّب عليه حكمه وهو الاستصحاب. وأمّا في باب الاُصول فإنْ لم يكن الأصل تنزيلياً لم يصحّ هذا التقريب؛ لأنّه لا يوجد لنا محرِز لموضوع الاستصحاب، وهو الحالة السابقة، فكيف نستصحب؟ نعم، يصحّ هذا التقريب فيما إذا كان الأصل تنزيلياً، سواء كانت تنزيليته بمعنى تنزيل المؤدّى منزلة الواقع، أو بمعنى جعل الطريقية والإحراز والغاء الشكّ ولو بلحاظ الجري العملي.

التقريب الثاني: الالتزام بقيام الاُصول مقام القطع الموضوعي، بدعوى استفادة ذلك من دليل الاُصول، كما كان يدعى ذلك في الأمارات بلحاظ جعل الطريقية، أو التنزيل منزلة القطع.

وهذا التقريب ـ أيضاً ـ لو تمّ فإنّما يتمّ في الاُصول التنزيلية، ولا معنى لتوهّمه في الاُصول