المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

311

وأمّا الشقّ الثاني، وهو استصحاب الطهارة الظاهرية فكان إشكاله عبارة عن أنّها مقطوعة البقاء لجريان أصالة الطهارة بقاءً، فلا معنىً للرجوع إلى الاستصحاب.

وقد ذكر المحقّق النائيني(رحمه الله) جوابين، أبطل أحدهما وارتضى الآخر:

أمّا الجواب الذي أبطله(1) فهو أنّ الاستصحاب حاكم على أصالة الطهارة، فيقدّم عليها، ولا معنى للمنع عن جريانه باعتبار ثبوت أصالة الطهارة بقاءً.

وأورد(رحمه الله) على ذلك: بأنّ الحكومة وإن كانت صحيحة في المقام لكنّها فرع جريان الاستصحاب ووجودِه، أي: إنّ الاستصحاب لو كان جارياً وموجوداً لكان حاكماً على أصالة الطهارة، لكنّنا نقول: إنّه غير موجود في المقام.

أقول: بعد فرض تسليم الحكومة في نفسها على تقدير الجريان لا معنى للمنع عن جريانه؛ إذ المفروض أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب إلاّ أصالة الطهارة، والأصل المحكوم يستحيل أن يصبح مانعاً عن جريان الأصل الحاكم، فهذا الإشكال على الجواب غير وارد(2).

 


أحدهما: الوجه الثالث من الوجوه الأربعة الماضية في استصحاب ما ثبت بالأمارة، وهو استصحاب روح الحكم الظاهري. والسبب في حذفه واضح، وهو أنّ هذا لا يعالج الشقّ الأوّل، وهو استصحاب الطهارة الواقعية؛ لأنّه راجع إلى الشقّ الثاني، وهو استصحاب الطهارة الظاهرية لا الواقعية، ولا يعالج الشقّ الثاني؛ لما مضى من اُستاذنا(رحمه الله) في المتن من أنّه لو كان الحكم الظاهري مقطوع البقاء فروح الحكم الظاهري ـ أيضاً ـ مقطوع البقاء.

وثانيهما: الوجه الأوّل من تلك الوجوه الأربعة، وهو استصحاب الجامع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري، أو قل: استصحاب الجامع بين الشقّين، والسبب في حذفه ما مضى من اُستاذنا الشهيد ـ أيضاً ـ من أنّ هذا مبتلىً بنفس إشكال الشقّ الثاني، وهو القطع ببقاء الحكم الظاهري، فإنّ القطع ببقاء الحكم الظاهري قطع ـ أيضاً ـ ببقاء الجامع ضمن أحد فرديه، فلو لم يعالج هذا الإشكال بوجه من الوجوه لم يعقل استصحاب الجامع، وإن عولج بوجه من الوجوه جرى استصحاب الحكم الظاهري، ولم تبقَ حاجة إلى هذا الوجه، وهو استصحاب الجامع.

(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 406 بحسب طبعة جامعة المدرسين بقم، وأجود التقريرات: ج 2، ص 388.

(2) جاء في تقرير السيد الهاشمي (حفظه الله) بدلاً عن هذا الكلام توجيه لكلام الشيخ النائيني(رحمه الله)مع إيراد.

أمّا التوجيه فهو أنّه لئن كانت في الاستصحاب نكتة الحكومة على أصالة الطهارة ففي أصالة الطهارة في المقام توجد نكتة الورود على الاستصحاب، ومن الطبيعي أنّ نكتة الورود التي تفني الموضوع وجداناً هي التي تغلب نكتة الحكومة التي تحاول إفناء الموضوع تعبّداً.