المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

312

إلاّ أنّ أصل الجواب لا محصّل له، فإنّ المستصحب لو كان هو الطهارة الواقعية لأمكن أن يقال: إنّ الاستصحاب حاكم على أصالة الطهارة، لكنّ المستصحب في المقام هو نفس الطهارة المستفادة من أصالة الطهارة، فنسبة الاستصحاب هنا إلى دليل أصالة الطهارة نسبة الأصل إلى الأمارة، لا نسبة الاستصحاب إلى الأصل.

وأمّا الجواب الذي ارتضاه(1) فهو: أنّ الحكم الظاهري المستفاد من الأصل ليس دائماً مقطوع البقاء عند الشكّ في الطهارة مثلاً، حتّى لا يكون مجال لاستصحابه، بل قد يكون مشكوك البقاء، فمثلاً لو كان ثوبك متنجّساً فغُسِل بالماء، وشككت في غَسله بالنحو الصحيح، فجرت أصالة الصحّة، وثبتت بذلك طهارة الثوب، ثمّ شُكّ في ملاقاة الثوب للدم وعدمها، فهنا نشكّ في بقاء الطهارة، ولا يكون دليل الحكم الظاهري، أي: دليل أصالة الصحّة دالّاً على بقاء الطهارة الظاهرية بعد الشكّ في ملاقاته للدم؛ لأنّ أصالة الصحّة لا تنفي احتمال التنجس بملاقاة الدم، وإنّما تنفي احتمال بقاء النجاسة من باب عدم صحّة التطهير.

وكأنّ السيّد الاُستاذ في المقام ـ بعد موافقته على ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله) ـ صار بصدد بيان ضابط(2) لكون الحكم الظاهري المستفاد بالأصل مقطوع البقاء أو مشكوكه، فذكر: أنّ الأصل إن كان جارياً في مورد الشكّ كان مقطوع البقاء ما دام الشكّ باقياً، من قبيل أصالة الطهارة في نفس الثوب، فإنّ الأصل بنفسه جار بقاءً بعد الشكّ في ملاقاته للدم، وإن كان جارياً في موضوع المشكوك، وسببه لا في مورده، لم يكن دليل ذلك الأصل دالّاً على ثبوت الحكم الظاهري بقاءً، وذلك من قبيل أصالة الطهارة الجارية في الماء الذي غسل به الثوب المتنجس، فإنّها لا تدلّ على ثبوت الطهارة للثوب بعد احتمال ملاقاته للدم.

أقول: إنّ هذا الضابط بكلا طرفيه غير تامّ في المقام:

أمّا قوله(3) بجريان الاستصحاب فيما إذا كان الأصل جارياً في موضوع المشكوك وسببه،


&rarr

وأمّا الإيراد فهو: أنّ تغليب ما فيه نكتة الورود على ما فيه نكتة الحكومة وإن كان صحيحاً، لكن ذلك لا ينطبق على ما نحن فيه؛ لأنّه لو قصد بالاستصحاب استصحاب الطهارة الواقعية فأصالة الطهارة ليست واردة عليه. ولو قصد به استصحاب الطهارة الظاهرية فهذا الاستصحاب ليس حاكماً على أصالة الطهارة؛ لأنّ نسبته إليها نسبة الأصل إلى الأمارة.

(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 388.

(2) هذا الضابط غير موجود في مصباح الاُصول، راجع الجزء الثالث منه، ص 100 ـ 101.

(3) هذا الشقّ الأوّل من الإشكال يرد على ما في مصباح الاُصول، ولكن ما يأتي من الشقّ الثاني من