المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

317

 

 

 

جريان الاستصحاب في الكلّيّات:

 

التنبيه الرابع: في جريان الاستصحاب في الكلّيّات.

وهنا نعقد مقامين، حيث نتحدث أوّلاً: في أصل استصحاب الكلّي، وما قيل أو يمكن أن يقال في مناقشته، ونبحث ثانياً: أقسام استصحاب الكلّي، وأنّه هل يجري فيها جميعاً أو لا يجري إلاّ في بعض تلك الأقسام.

 

أصل جريان استصحاب الكلّي

أمّا المقام الأوّل، فربّما يستشكل في جريان استصحاب الكلّي في الموضوعات، وربّما يناقش في استصحاب كلّي الحكم بإشكال يختلف عن الأوّل. فهنا جهتان:

الجهة الاُولى: في مناقشة استصحاب الكلي بين فردي الموضوع. وحاصلها: أنّ الكلّي والجامع بين الفردين كالجامع بين زيد وعمرو ليس له وجود مستقلّ في الخارج، بل هو مفهوم منتزع من منشأ هو: الفرد، وهو الذي له الحكم، إذن فكيف يراد إجراء الاستصحاب فيه، فإنّه إن اُريد استصحاب المنشأ فأركان الاستصحاب لم تتمّ فيه. وإن اُريد استصحاب المفهوم الانتزاعي فهو ليس بموضوع الحكم، ولا معنى لاستصحابه بما هو مفهوم في الذهن(1).

وللتعليق على هذه المناقشة ينبغي أن يقال: إنّ مقصودكم من استصحاب الكلّي إن كان هو استصحاب المفهوم، بان تصوّرتم أنّ من يجري استصحاب الكلّي يقصد به استصحاب المفهوم، فأشكلتم عليه بهذا الإشكال، فهو أمر صحيح في ذاته، حيث إنّ المفهوم بما هو مفهوم لأ معنى لإجراء الاستصحاب فيه، غير أنّ هذا لم يكن مقصود من أجرى استصحاب الكلّي؛ إذ كان مقصوده إجراء الاستصحاب في أمر له ما بإزاء وحقيقة في الخارج.


(1) وهذا الإشكال لو تمّ لم يختصّ باستصحاب الكلّي في الموضوعات، بل يجري مثله في استصحاب جامع الحكمين أو الأحكام أيضاً، فيقال: إنّ الجامع بينهما ليس عدا أمر انتزاعيّ، وما هو موضوع لحكم العقل بوجوب الامتثال هو واقع الحكم، لا ما انتزع الذهن منه.