المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

323

الواقع، وليس فيه محذور.

وهذه الإجابة باطلة ـ أيضاً ـ وذلك:

أوّلاً: لعدم صحّة المبنى، فإنّا قد شرحنا مفصّلاً في موضعه أنّ العلم الإجمالي لا يتعلّق بالواقع.

وثانياً: أنّ العلم الإجمالي في بعض الموارد لا تعيّن واقعي لمتعلّقه، كما لو علمنا بوجوب الظهر أو الجمعة، واحتملنا وجوبهما معاً وكان في عالم الواقع كلاهما واجبين، فإنّ نسبة كلٍّ من الوجوبين بشخصه إلى العلم الإجمالي على حدّ واحد فإذا لم يمكن تعيّن شخصيّ لمتعلّق العلم واقعاً، فأيّ حكم مماثل يشرّع بالاستصحاب، أيجعل حكمان مماثلان لهما معاً؟ فهذا أكثر من مقدار اليقين. أو يجعل حكم واحد؟ فأيّهما الذي يستحقّ جعلاً مماثلاً؟ بعد أن كانت نسبتهما إلى العلم نسبة واحدة.

نعم، ثمّة دعوىً اُخرى غير ما ذكر في هذه الأجوبة الثلاثة بالإمكان تخريج استصحاب الكلّي عليها، وهي: أنْ يلتزم بأنّ موضوع الاستصحاب هو ذات الحدوث، لا اليقين به، وإنّما اليقين مجرّد عنوان مشير يثبت به الحدوث، فالاستصحاب يعني التعبّد ببقاء الحادث أوّلاً من دون تدخّل لعنوان اليقين فيه سعةً أو ضيقاً. وعليه فيكون الحكم المماثل المجعول مطابقاً للحدوث على واقعه المشخّص، لا العلم الإجمالي المتعلّق بالجامع العاري عن الشخص.

فأتّضح بهذا التفصيل: أنّ مشكلة جعل الجامع العاري عن الشخص في موارد استصحاب كلّي الأحكام لايمكن حلّها إلاّ بالهروب عن أحد الأصلين الموضوعيين أو كليهما، وهما البناء على جعل الحكم المماثل في مدلول الاستصحاب، وأنّ اليقين بالحدوث عنوان مأخوذ في موضوعه بحيث يتقيّد ويتقدّر بقدره.

 

أقسام استصحاب الكلّي:

المقام الثاني: في أقسام استصحاب الكلّي.

نورد أقسام استصحاب الكلّي بالنحو التالي، فإنّه هو التقسيم الفنّي بلحاظ ما يرتبط بكلّ قسم من بحث.

إنّ الشكّ في بقاء الكلّى تارةً يكون من جهة الشكّ في حدوث الفرد، واُخرى لا يكون من جهة الشكّ في حدوث الفرد. وعلى كلّ من التقديرين قد يكون الفرد الحادث مقروناً بالعلم الإجمالي، وقد لا يكون.