المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

324

مثال الأوّل: ما إذا علمنا إجمالاً بدخول أحد شخصين في المسجد: زيد أو عمرو، وشككنا في بقاء الكلّي للعلم بخروج زيد لو كان هو الداخل، حيث يكون هذا الشكّ ناشئاً من الشكّ في حدوث زيد أو عمرو المعلوم إجمالاً دخول أحدهما. وهذا هو القسم الثاني من استصحاب الكلّي في اصطلاح رسائل الشيخ(رحمه الله).

ومثال الثاني: ما إذا شكّ في وجود كلّيّ الإنسان مثلاً في المسجد، من باب احتمال دخول عمرو إليه حين خروج زيد المعلوم حاله دخولاً وخروجاً، أو دخوله معه من أوّل الأمر، فيكون الشكّ في بقاء الكلّي ناشئاً من الشكّ البدوي في حدوث الفرد الثاني وهو عمرو. وهذا هو الكلّي من القسم الثالث في اصطلاح رسائل الشيخ(رحمه الله).

ومثال الثالث: ما إذا علمنا إجمالاً بوجود زيد أو عمرو في المسجد ويكون الفرد على كلٍّ من التقديرين محتمل البقاء ومحتمل الارتفاع، فأصبح الكلّي مشكوك البقاء من ناحية الشكّ في بقائه ضمن الفرد، لا من ناحية الشكّ في حدوث أحد الفردين، لكن الفرد في نفسه مقرون بالعلم الإجمالي.

ومثال الرابع: ما إذا شكّ في بقاء كلّي الإنسان في المسجد من ناحية الشكّ في بقاء زيد الذي نعلم بالتفصيل دخوله فيه.

ولنبدأ بتفصيل الحديث في كلٍّ من الأقسام الأربعة.

وقبل الشروع في تفصيل الأقسام ينبغي أن نشير إلى إشكال عامّ في استصحاب الكلّي يبتني على ما ذكرناه في الجهة الاُولى من المقام السابق، حيث قلنا: إنّ الكلّي ـ خلافاً للرجل الهمداني ـ موجود في كلّ فرد بوجوده، وإنّ نسبته إلى الأفراد نسبة الآباء إلى الأبناء، لا الأبّ الواحد إلى الأبناء، فإنّه قد يقال ـ بناءً على هذا الرأي ـ: إنّه لا يبقى فرق بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي، حيث يكون مصبّ الاستصحاب، وما يثبت به هو الوجود الخارجي؛ لأنّ الاستصحاب يعني إبقاء ما كان موجوداً حقيقياً، ولا معنىً لإبقاء المفهوم، والمفروض أنّه في الخارج ليس إلاّ شيء واحد، هو الفرد بلحاظ، والكلّي بلحاظ آخر، بمعنى: أنّ الكلّيّة والجزئيّة من خصائص كيفيّة تلقّي الذهن للموجود الخارجي، لا لنفس الموجود في الخارج. إذن فبماذا يمتاز استصحاب الفرد عن الكلّي؟! نعم، لو تصوّرنا الكلّي بوجود يمتاز خارجاً عن الفرد، كما في تصوّر الرجل الهمداني امتاز الاستصحابان أحدهما عن الآخر، غير أنّ المفروض عدم صحّة هذا المبنى.

وللإجابة على هذا الإشكال يوجد طريقان: