المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

328

بالاستصحاب نعلم إجمالاً بأحد الفردين بقاءً، كما كنّا كذلك حدوثاً.

 

كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الجامع:

الجهة الرابعة: في أنّ استصحاب الفرد هل يجزي عن استصحاب الجامع، بمعنى: أنّه يثبت الأثر المترتّب على الجامع، أو لا؟

والصحيح في هذه الناحية هو إجزاء استصحاب الفرد عن الكلّي، وإثباته لآثاره؛ لأنّ الصورة الفرديّة تتضمّن صورة الجامع، فالتعبّد بمحكيّها يكون بالدلالة التضمّنية تعبّداً بمحكيّ الجامع، ولم يكن مأخوذاً في موضوع الأثر الجامع بشرط لا عن الخصوصية، بل الجامع لا بشرط.

 

صورة العلم بالجامع ضمن فرد ثمّ الشكّ فيه للشكّ في ذلك الفرد:

الصورة الثانية: ما إذا علمنا بتحقّق الكلّي ضمن فرد خاصّ تفصيلاً، كما إذا علمنا بدخول زيد المسجد، وشككنا بعد ذلك في بقاء كلّي الإنسان فيه لاحتمال خروجه.

والحكم في هذه الصورة واضح، فإنّ استصحاب الكلّي يجري فيها على كلّ التصورات الثلاثة في استصحاب الكلّي: أمّا على التصوّر الأوّل القائل بوجود الكلّي وجوداً وحدانياً سعيّاً فواضح، حيث إنّ هذا الوجود تحقّق بتحقّق الفرد، فيستصحب. وأمّا على تصوّر رجوع استصحاب الكلّي إلى استصحاب الحصّة فلأنّ الحصّة هنا معلومة؛ إذ الفرد معلوم حسب الفرض. وأمّا على تصوّر أنّ الاستصحاب كسائر المنجّزات والأحكام الشرعية والعقلية تعبّد بالجامع، وبالصورة الذهنية بحملها الأوّلي لا الشائع، فأيضاً يجري الاستصحاب؛ لأنّ الجامع والكلّي كان متصوراً ضمن تصوّر الفرد، ولا يضرّ بذلك تعلّق العلم والصورة الذهنية بالفرد، لا بالكلّي والجامع وحده، فإنّ هذا لا يمنع عن تعلّق التعبّد الاستصحابي بخصوص المقدار الجامع والكلّي الموجود ضمن الصورة الذهنيّة التفصيليّة. وهذا واضح.

وأوضح من استصحاب الكلّي في هذه الصورة استصحاب الفرد فيما إذا كان الأثر له، فإنّه جار من دون مانع؛ لتمامية أركان الاستصحاب فيه، والأمر في سائر الجهات واضح في هذه الصورة؛ فلا نطيل.