المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

332

هذا يعني التعبّد ببقاء الصورة الذهنية الكلّية، لكن بلحاظ ما تحكي عنه، وبما أنّ المفروض ترتّب الأثر عليه لا على الفرد، فلا ريب في صحّة هذا الاستصحاب وتماميّة أركانه فيه، فإنّ الصورة الذهنية الكلّية لسنا على يقين بارتفاعها، وإنّما نشكّ في ذلك. نعم، الصورة التفصيلية للفرد القصير نحن نقطع بارتفاعها، إلاّ أنّ هذا لا يعني تعلّق القطع بارتفاع الصورة الكلّيّة التي هي مصبّ الاستصحاب.

وبهذا ينتهي استعراض المناقشات التي أوردوها على استصحاب الكلّي في هذه الصورة، وقد تبيّن من ذلك عدم تماميّة شيء منها، وأنّ الصحيح جريان استصحاب الكلّيّ في المقام.

 

استصحاب الفرد:

الجهة الثانية: في استصحاب الفرد في هذه الصورة، وذلك فيما إذا كان الأثر للفرد لا للكلّي، كما إذا رتّب المولى وجوب الصدقة على وجود زيد في المسجد بما هو زيد، وكذلك رتّب حكماً من سنخ الأوّل أو غيره على وجود عمرو فيه، وعلمنا إجمالاً بدخول أحدهما في المسجد مع القطع بخروجه لو كان زيداً؛ لأنّنا رأيناه في الخارج، فهل بالإمكان إجراء الاستصحاب بلحاظ الفرد الذي كان موضوعاً للأثر وكان داخلاً في المسجد قطعاً، أو لا يمكن ذلك؟

الصحيح: أنّه لا يجري، وذلك لعدّة نقاط لا يمكن التخلّص من بعضها وإن كان البعض الآخر ممّا يمكن تفاديه، ونقاط الضعف هذه مايلي:

أ ـ عدم اليقين بالحدوث بالنسبة للفرد؛ لأنّ العلم الإجمالي لم يتعلّق إلاّ بالجامع، وهو عنوان أحد الفردين مثلاً، لا بالعنوان التفصيلي المفروض ترتّب الأثر عليه، والمقصود استصحابه.

وهذه النقطة للضعف هي التي ذكرت في الجهة الثانية للصورة الاُولى من الصور الأربع، وقد مرّ هناك: أنّ هذا النقاش يمكن التخلّص عنه بأحد أمرين: إمّا الاعتراف بمبنى المحقّق العراقي(قدس سره) من تعلّق العلم بالواقع لا بالجامع، أو الإيمان بأنّ اليقين بالحدوث ليس ركناً في الاستصحاب، وإنّما الركن هو ذات الحدوث، كما هو الذي استفدناه نحن من بعض روايات الاستصحاب.

ب ـ عدم الشكّ في البقاء على أحد التقديرين، توضيح ذلك: أنّ هناك فرقاً بين هذه الصورة والصورة الاُولى. ففي الصورة الاُولى كان الحادث محتمل البقاء على كلا تقديريه،