المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

337

وهذه الصوره هي التي كنّا نتكلّم عنها في الجهة السابقة، والحكم فيها ما ذكرناه من أنّ استصحاب الفرد المردّد الذي علمنا بدخوله في المسجد لا يجري؛ لأنّه إن قصد بذلك استصحاب واقع الفرد فهو محتمل الانطباق على ما قطع بارتفاعه، وإن قصد بذلك استصحاب الجامع الانتزاعي بين الفردين لترتيب آثار الفرد، فهذا ـ أيضاً ـ غير صحيح؛ لأنّ أحد الطرفين وهو القصير يعلم بارتفاعه، وبانقطاع حكمه، فلا يمكن تنجيزه وتنجيز الطرف الآخر وحده ليس من شأن العلم الإجمالي.

2 ـ أن يكون الحكم واحداً، ولنفرضه وجوب الصدقة مثلاً، وقد عرفنا موضوعه بالتفصيل بأن كان موضوعه الفرد الطويل لا القصير، وإلاّ لقطعنا بعدم التكليف في الزمان الثاني، وفي مثل هذه الصورة لا يجري استصحاب الفرد المردّد حتّى لو قيل بتماميته في الصورة الاُولى، لأنّه إن قصد بذلك استصحاب واقع الفرد فانطباقه على الفرد الطويل الذي هو موضوع الحكم غير معلوم، وإن قصد بذلك استصحاب الجامع الانتزاعي بقصد توليد العلم الإجمالي بأحد الفردين المنجّز لحكم الفرد، فهذا قد يفترض تماميّته في الصورة الاُولى بتخيّل أنّ العلم الإجمالي التعبّدي بموضوع ذي حكم وإن عجز عن تنجيز حكم الفرد القصير للعلم الوجداني بانتفائه، لكنه يبقى منجّزاً لحكم الفرد الآخر مادام الشارع قد عبّدنا ـ على أيّ حال ـ بحكم إلزامي، أو قل: بالجامع بين موضوعين لحكم الزامي، ولكن عدم تماميّته في هذه الصورة أوضح؛ لأنّه أساساً ليس علماً إجمالياً تعبّدياً بموضوع ذي حكم، أو علماً إجمالياً تعبّدياً بحكم إلزامي، بل هو علم إجمالي بالجامع بين الفرد الطويل الذي يترتّب عليه الحكم والفرد القصير الذي ليس موضوعاً للحكم، ولم يشكّ أحد في أنّ العلم الحدوثي الوجداني بالجامع بين ما له الحكم وما ليس له الحكم لا قيمة له، فكيف تفترض قيمة للتعبّد ببقاء علم من هذا القبيل؟!

3 ـ ما إذا كان الحكم متعدّداً، لكن موضوعهما معلوم إجمالاً لا تفصيلاً ـ وهذا لا يكون بالطبع إلاّ فيما إذا كان الحكمان غير متسانخين ـ، فنعلم بوجوب الصدقة وبوجوب الصلاة، كما نعلم بأنّ أحد الوجوبين مرتّب على وجود زيد في المسجد، والآخر على وجود عمرو في المسجد، والمفروض: أنّنا نعلم بعدم بقاء زيد في الآن الثاني بعد أن علمنا بأنّ أحدهما قد دخل المسجد في الآن الأوّل.

والحكم في هذه الصورة جريان استصحاب الفرد المردّد حتّى لو قلنا بعدم استصحابه في الصورة الاُولى؛ وذلك لأنّنا لا نجري الاستصحاب في واقع الفرد كي يقال: إنّه يحتمل أن