المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

340

وكلّ واحد من هذين الأسلوبين للاستصحاب أثره تكوين علم إجماليّ بأحد الفردين:

نعم، كلّ هذا مشروط بأن يكون هذا العلم التعبّدي علماً بما يكون موضوعاً للحكم الشرعي على كلا التقديرين، فنستثني من الاستصحاب الصورة الثانية، والشقّ الأوّل من الصورة الرابعة؛ إذ فيهما لا يتكوّن علم إجمالي بحكم شرعي، أو بموضوع ذي حكم شرعي على كلّ تقدير.

 

ضابط استصحاب الفرد المردّد:

الجهة الرابعة: في ضابط استصحاب الفرد المردّد.

وقد عقدنا هذا البحث للتنبيه على خطأ كلام وارد في تقرير الشيخ الكاظمي(رحمه الله)، حيث جاء فيه: أنّه لو علم بوجود حيوان في الدار وتردّد بين أن يكون في الجانب الشرقي أو في الجانب الغربيّ، ثمّ انهدم الجانب الغربيّ، وكان ذلك موجباً لموت الحيوان لو كان في ذاك الجانب، فاستصحاب بقاء الحيوان هنا ليس من استصحاب الكلّي؛ لأنّ المتيقّن السابق أمر جزئيّ حقيقي، وهو أشبه باستصحاب الفرد المردّد بين الطويل والقصير، والذي لا يجري بعد ارتفاع أحد فردي الترديد(1).

وهذا الكلام ـ لو اُريد ظاهره فهو غريب جدّاً ـ ناتج عن الغفلة عن ضابط استصحاب الفرد المردّد، فإنّه ليس استصحاب كلّ فرد يكون منتفياً على تقدير، من قبيل استصحاب الفرد المردّد، وغير جار للجزم بانتفائه على بعض التقادير، وإنّما الميزان في ذلك هو أن يكون القطع بالانتفاء بنحو القضية التنجيزيّة، لا بنحو القضية الشرطيّة التعليقية، وذلك: لأنّه تارةً يقطع بالفعل بانتفاء الفرد، كما في مثال دخول زيد أو عمرو في المسجد، مع الجزم بخروج زيد لو كان قد دخل، فهنا يكون استصحاب واقع الفرد المردّد عندنا المعيّن عندالله محتمل


حصّصنا هنا الحكم إلى حكمين بالإضافة إلى متعلّقه أو بالإضافة إلى موضوعه، يكون كلّ منهما مورداً للشكّ ومصبّاً للأصل، فيتعارض الأصلان بسبب العلم الإجمالي التعبّدي. نعم، لو اضيف الحكمان إلى عنوان الفرد الطويل والفرد القصير، فقد يقال: إنّ الأصل المؤمّن عن حكم الفرد الطويل لا معارض له؛ لأنّ حكم الفرد القصير مقطوع الانتفاء، ولكنّ الواقع: أنّ عنوان زوال الفرد أو بقائه ليس محصّصاً للحكم، وإنّما المحصّص له هو الموضوع والمتعلّق، فالأصل المؤمّن عن كلّ من حصّتي الحكم يعارض الأصل المؤمّن عن الحصة الاُخرى على كلّ تقدير.

(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 153 ـ 154 وفق طبعة مؤسّسة النصر ومكتبة الصدر، و ص 422 وفق طبعة جامعة المدرّسين بقم.