المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

343

الشبهات المفهومية، كما إذا شك في أنّ مفهوم العادل هل يشمل من فعل الصغيرة أو لا، وكان زيد عادلاً تاركاً لجميع الذنوب، ثمّ ارتكب الصغيرة، فهنا لا يجري استصحاب بقاء العدالة؛ لأنّ استصحاب بقاء العدالة بعد ارتكاب الصغيرة إن قصد به استصحاب صدق لفظة العادل عليه عرفاً ولغةً، فهذا وإن تمّت فيه أركان الاستصحاب، غير أنّه ليس بموضوع الأثر الشرعي كي يترتّب عليه الحكم والأثر؛ وذلك لأنّ الحكم للواقع والمعنى، لا للفظ وصدقه. وإن قصد به إجراء الاستصحاب في المعنى والواقع، فهذا من استصحاب الفرد المردّد بين ما يجزم بارتفاعه وهو ترك الذنوب جميعاً، وما لا يجزم بارتفاعه وهو ترك الكبائر، والحكم ثابت لأحدهما المردّد بين ما ارتفع يقيناً وما لم نعلم بارتفاعه.

 

الشبهة العبائية

الجهة السابعة: في الشبهة العبائية، وهي محاولة أثيرت للقضاء على استصحاب الكلّي في هذا القسم، حيث يحاول أن يبرز النتائج واللوازم العملية الغريبة التي لا يمكن الالتزام بها فقهياً وشرعياً، فيكون ذلك دليلاً وشاهداً على بطلان الملزوم، أي: استصحاب الكلي، وقد اُبرز هذا الشيء في مثال العباءة، حيث فرض أنّ هنالك عباءة علم إجمالاً بنجاسة أحد جانبيها، ثمّ غُسل أحد جانبيها، وعندئذ يقال: إنّنا لو لاقينا بيدنا الطرف غير المغسول فقط كان الحكم طهارة اليد وعدم لزوم الاجتناب، بناءً على عدم وجوب الاجتناب عن ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة، بينما لو لاقينا بيدنا إضافة إلى ذلك الطرف المغسول والمطهّر حقيقة، كان الحكم نجاسة اليد الملاقية، حيث تكون ملاقية للنجاسة الثابتة باستصحاب كلّي النجاسة في العباءة، وهذا معناه أنّ ملاقاة الطرف الطاهر توجب التكليف ولزوم الاجتناب على المكلف. وهذا أمر غريب فقهيّاً ومتشرعيّاً.

وقد ردّ السيّد الاُستاذ هذه الشبهة بأنّ الاعتراف بهذه النتيجة الغريبة لا مانع منه، فإنّ الحكم بنجاسة اليد الملاقية ظاهراً بمجرد الملاقاة للطرف الطاهر مع الحكم بطهارة ذلك الطرف أمر معقول، يلتزم به على مستوى الاُصول العمليّة والأحكام الظاهريّة، فإنّ التفكيك في مؤدّياتها بين المتلازمات أمر ليس بعزيز(1)، وأيّاً ما كان، فهنا مطلبان ينبغي أن نتعرّض لهما:


(1) راجع مصباح اصول: ج3، ص113.