المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

348

بارتفاعه، فهو غير ممكن؛ لأنّ أحد الطرفين ممّا لا يقبل التنجيز للقطع بارتفاعه بالامتثال، أو العصيان، أو غير ذلك من فروض الارتفاع.

وإذا اتّحد الحكمان في المتعلّق فهذا ينقسم إلى قسمين:

1 ـ أن تكون الشبهة حكمية، كما لو علم إجمالاً بأحد جعلين لوجوب الجلوس من الآن: إمّا جعل قصير أمده إلى ساعة مثلاً أو جعل طويل أمده إلى ساعتين، فنحن في الساعة الثانية نشكّ في وجوب الجلوس، فنستصحب الجامع بين الحكمين، فقد يتصوّر أنّ هذا ملحق بالقسم السابق، وأنّه يرد فيه نفس الإشكال السابق.

ولكنّ الصواب: أنّ هذا ليس من استصحاب الكلّي أصلاً، بل هو من استصحاب الشخص، حيث يعلم بجعل واحد معيّن لا يدرى أمده، وأنّه هل يرتفع إلى ساعة. أو يمتدّ إلى ساعتين، فيستصحب.

نعم، إذا فرض تعدّد الموضوع والشرط في كلّ من الجعلين، بأن أحتمل جعل وجوب الجلوس إلى ساعة معلّقاً على دخول زيد، أو جعل وجوب الجلوس إلى ساعتين معلّقاً على دخول عمرو، وقد علمنا بدخولهما، أو بدخول ما هو موضوع الأثر على إجماله إلى المسجد، فهنا قد يتوهّم ورود الإشكال الذي ذكرناه فيما سبق؛ لتعدّد الجعل، غير أنّه يندفع بما نذكره في القسم الآتي.

2 ـ أن تكون الشبهة موضوعية، كما لو علم بوجوب الجلوس في المسجد إلى الظهر لو دخل زيد الدار، وإلى المغرب لو دخل عمرو الدار، وقد علمنا بدخول أحدهما، ولم نعلم أيّهما هو الذي دخل، وهنا قد يتصوّر ـ أيضاً ـ جريان ما مضى في فرض تعدّد المتعلّق، فلا يمكن استصحاب الجامع؛ لأنّه غير قابل للتنجّز على أحد تقديرين.

غير أنّ الصحيح: جريان الاستصحاب هنا، وذلك بأحد بيانين:

1 ـ إنّ الجامع هنا بما هو جامع قابل للتنجّز مع قطع النظر عن فرديه، بحيث لو فرض محالاً وجوده بحدّه الجامعي كان منجّزاً بالعلم به، وهذا بخلافه في صورة تعدّد المصبّ، فإنّه هناك لا يتنجّز الجامع بين الحكمين لو وجد محالاً مجرّداً عن خصوصياته في أحد الفردين، وإنّما يقبل التنجيز بما هو في ضمن أحد فرديه: من وجوب الجمعة أو وجوب الظهر، فإذا كان أحد الفردين غير قابل للتنجيز، كان الجامع جامعاً بين ما يقبل التنجّز وما لا يقبل، فلا يتنجّز، والعلم بالجامع بين ما يقبل النتجّز وما لا يقبل لا يدفع الإنسان نحو الاحتياط وامتثال الواقع.