المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

349

ونكتة الفرق بين المقامين: أنّه في فرض تعدّد المتعلّق ليس الجامع معيّناً من ناحية التعلّق، فلا هو متعلّق بصلاة الجمعة، وإلاّ لما كان جامعاً لوجوب صلاة الظهر، ولا هو متعلّق بصلاة الظهر، وإلاّ لما كان جامعاً لوجوب صلاة الجمعة، ولا هو متعلّق بالجامع بينهما، وإلاّ كان وجوباً تخييريّاً، بل هو جامع بين وجوبين لكلّ منهما متعلّق ينفرد عن الآخر في مرحلة الامتثال الخارجي، فهذا الجامع لا متعلّق له، ولهذا لا يكون منجّزاً بنفسه؛ لأنّ الحكم طالما لا متعلّق له لا يقتضي التنجيز؛ لأنّه لا يطلب الامتثال. وهذا بخلاف فرض وحدة متعلّق الحكمين، فإنّ الجامع بينهما ـ على كلّ تقدير ـ له متعلّق معيّن، وهو الجلوس في المسجد، فإذا تعلّق العلم به كان منجّزاً ولو فرض محالاً وجود هذا الجامع في غير فرد. إذن، فالجامع هنا بنفسه يدخل في ذمّة التنجّز بقطع النظر عن فرديه، فيجري الاستصحاب بلحاظه لا بلحاظ فرديه، حتّى يقال: إنّه جامع بين ما يقبل التنجّز وما لا يقبل التنجّز.

2 ـ إنّه قد مضى في بحث استصحاب الحكم لدى تردّد المجعول بين الطويل والقصير أنّ النظر العرفي إلى الحكم لدى استصحابه هو نظر الحمل الأوّلي، أي: حمل هو هو، وبهذا المنظار يرى الحكم أمراً خارجياً (أو قل: يُرى المجعول) ولا يُرى الجعل الذي ليس إلاّ جزءً من ذهن المولى، فإذا طبّقنا هذا الكلام على المقام قلنا: لا يُرى بالجعلين إلاّ مجعول واحد، أو قل: لا يرى بلحاظ الأمر الخارجي إلاّ حكم واحد مردّد بين أن يكون قصيراً أو طويلاً، ولا يُرى الموضوع ـ وهو دخول زيد أو عمرو مثلاً ـ إلاّ حيثية تعليليّة، فيجري في المقام استصحاب هذا الحكم الواحد.

 

تطبيق استصحاب القسم الثاني من الكلّي

الجهة التاسعة: بعد أن عرفنا صحّة استصحاب الكلّي في هذه الصورة المسمّاة بالقسم الثاني من الكلّي، لوقوعه ثانياً في ترقيم الشيخ(رحمه الله) في الرسائل ينبغي الالتفات إلى التطبيق الذي ذكر من قبل المحققين كممارسة في مرحلة التطبيق، وإبراز آثار ونتائج هذا الاستصحاب من الناحية الفقهية والعملية من جهة، ومن جهة اُخرى ملاحظة المورد الذي يكون فيه استصحاب عدم الفرد الطويل حاكماً ومقدّماً عليه.

والمذكور في هذا المضمار ـ على ما يظهر من كلمات المحققين ـ فرعان:

أحدهما: في من يعلم بخروج بلل مشتبه منه لا يدري هل هو بول فيكون محدثاً بالأصغر، أو منيّ فيوجب الحدث الأكبر، حيث يقال بجريان استصحاب كلّي الحدث المعلوم