المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

353

وقد كان المترقّب منه (قدس سره) ـ على هذا الأساس ـ أن يقول بجريان هذا الاستصحاب في هذه الصورة أيضاً، كما قال به في الصورة الثالثة، لكنّه أفتى بعدم جريان استصحاب كلّيّ الحدث بترتيب آثاره.

وما يمكن أن يكون محطّ نظره من عبارته المجملة هو: أنّ الاستصحاب ـ كما قرأنا ـ عبارة عن التعبّد ببقاء المتيّقن بحيث ينبغي أن يكون الباقي على تقدير وجوده واقعاً في مرحلة البقاء بقاءً لما كنّا على يقين به، فذلك هو المستفاد من جملة: «لا تنقض اليقين بالشكّ»، حيث أضيف اليقين والشكّ إلى متعلّق واحد ولو بقرينة حذف المتعلّق. إذن، فلا بدّ ـ لكي يجري الاستصحاب ـ من تماميّة الشكّ في البقاء، وكون ذلك بقاءً للمتيّقن. أمّا إذا لم يكن كذلك فلا يجري الاستصحاب، كما أنّه إذا احتمل أن لا يكون الباقي بقاءً للمتيّقن أيضاً، لم يجرِ الاستصحاب؛ لأنّ التمسّك به بعموم دليله تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية.

وفي هذه الصورة يحتمل أن لا يكون الباقي هو ما تيقّنّا به؛ وذلك لأنّ استصحاب بقاء الحدث بعد الوضوء ـ لو صح وتمّ ـ فهو ـ على تقدير صدقه ومطابقته للواقع ـ متعيّن في الحدث الأكبر فقط، بينما قد يكون متيقننا الواقعي قبل الوضوء إنّما هو الحدث الأصغر، لا الأكبر، بعد احتمال عدم التضادّ فلنفرض أنّ الاستصحاب كان صحيحاً، وأن الحدث الأكبر باق؛ لأنّه الذي حدث بالبلل المشتبه، لكن قد يكون الذي دخل في علمنا هو الحدث الأصغر طالما يمكن اجتماع الحدثين. نعم، لو جزمنا بالتضادّ، وكان علمنا الإجمالي بنحو مانعة الجمع، لقلنا: إنّه لو طابق الاستصحاب الواقع كان معناه أنّ الحدث هو الأكبر فقط، وهو المتيّقن، لا غير، للتضادّ بينه وبين الأصغر ممّا يستدعي عدم وجود الأصغر.

وبالإمكان أن يستخلص من هذا الكلام كبرى كلّيّة، هي التفصيل في استصحاب الكلّي من القسم الثاني بين ما إذا كان العلم الإجمالي بنحو مانعة الجمع أو كان بنحو مانعة الخلوّ فقط، ففي الأوّل يقال بجريانه؛ لأنّ المستصحب الباقي ـ على تقدير مطابقته للواقع ـ يكون عين ما علمنا إجمالاً؛ لأنّ الواقع ليس إلاّ واحداً بعد امتناع الجمع، بينما في الثاني لا يجري الاستصحاب؛ لأنّه مع احتمال الجمع يكون من المحتمل أنّ المتيقن هو أحد الفردين الّذي يقطع بانتفائه، وهو الفرد القصير، بينما الباقي هو الفرد الآخر الطويل.

وللتعليق على هذا التفصيل نقول:

أوّلاً: إنّ العلم الإجمالي ـ كما بينّا في محلّه ـ لا يتعلّق إلاّ بالجامع بين الفردين، لا بهذا بالخصوص، ولا بذاك والواقع يكون بعيداً عن مصبّ العلم. وعليه فسواء كان العلم