المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

356

وبناءً على هذه الصياغة نجري استصحاب عدم الملاقاة للبول لتثبت ارتفاع النجاسة بعد الغسلة الاُولى، حيث يكون الملاقي ملاقياً للنجس بالوجدان، وهذا هو الجزء الأوّل، وغير ملاق للبول بالاستصحاب، فيثبت كلا الجزئين، وبالتالي يتنقّح موضوع العام، فيحكم على استصحاب النجاسة؛ لأنّها أثر شرعي مسبّب عن الموضوع، فبنفيه يرتفع الحكم لا محالة.

الثانية: أن يكون عنواناً تركيبيّاً وهو أن يكون ملاقياً لشيء وأن يكون ذلك الشيء بولاً. وهذه الصياغة هي الصحيحة عندنا، لما يأتي وتقدّم مراراً في الفقه من أنّ العناوين التقييديّة كقوله(عليه السلام): ما لاقى البول ينحلّ بالارتكاز العرفي إلى التركيب بين أمرين: أن يلاقي شيئاً، ويكون ذلك بولاً.

وبناءً على هذه الصياغة يتقيّد موضوع العامّ بنقيض الجزء الثاني من الجزءين. وأمّا الجزء الأوّل وهو أن يلاقي شيئاً فهو موجود في الدم أيضاً، فلا ينافيه إلاّ الجزء الثاني، فيصبح الموضوع مركبّاً من أن يلاقي نجساً من النجاسات، وأن لا يكون ذلك النجس بولاً. وبما أن الجزء الأوّل محرز في المقام بالوجدان فلا بدّ من إحراز الجزء الثاني، وهو عدم كون الملاقى بولاً، وإثبات هذا بالاستصحاب موقوف على القول بجريان استصحاب العدم الأزلي، فمن لا يقول بجريانه كالميرزا(رحمه الله)لا يمكنه تنقيح هذا الموضوع بالاستصحاب.

فالصحيح في المقام الأول جريان الاستصحاب الحاكم في نفسه في هذا الفرع.

المقام الثاني: في وجود المعارض لهذا الاستصحاب، حيث توهّم معارضته باستصحاب عدم الملاقاة للدم بناءً على الصياغة الاُولى، أو عدم كون الملاقي دماً على الصياغة الثانية.

فلقد تصوّر المحقق الإصفهاني(رحمه الله)المعارضة بين الاستصحابين بدعوى: أنّ لدينا في المقام علماً إجمالياً بأنّ النجاسة نجاسة يجب غسلها مرّة واحدة، أو نجاسة يجب غسلها مرّتين. ونفي الثانية يعارضه نفي الاُولى، فيتساقط الاستصحابان(1)، ونرجع إلى استصحاب الكلّي.

وهذا التصوّر غير صحيح؛ وذلك: لأنّه إن قصد باستصحاب عدم كون النجاسة نجاسة يجب غسلها مرّة واحدة الانتهاء إلى نفي أصل هذا الوجوب، فلا قيمة له؛ لأنّه لا يؤدّي إلى التأمين عن الغسلة الاُولى لليد؛ لفرض العلم التفصيلي بوجوبها، وإن قصد به الانتهاء إلى


(1) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 149 بحسب طبعة آل البيت.