المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

357

نفي قيد المرّة، أي: إنّنا نستصحب عدم كون النجاسة نجاسة رُخّصنا في الاقتصار في غسلها على مرّة واحدة، فهذا لا يعارض الاستصحاب الذي ينفي النجاسة الاُخرى التي اُلزمنا بغسلها مرّتين؛ لأنّ الأصل النافي للترخيص لا يقع طرفاً للمعارضة، وإنّما يتعارض الاصلان في أطراف العلم الإجمالي إذا كانا نافيين لفردين من الإلزام المعلوم أحدهما بالإجمال.

على أنّ الواقع: أنّه ليس هناك إلاّ الحكم بالنجاسة وبقائها بعد الغسلة الاُولى لو كانت النجاسة بوليّة، والحكم بعدم بقائها(1) لو كانت دمّيّة. وعليه، فإن قصد باستصحاب عدم النجاسة الدمّيّة نفي أصل النجاسة قبل الغسلة الاُولى، فهذا ممّا يقطع به تفصيلاً فكيف يجوز نفيه؟! وإن قصد به إثبات بقاء النجاسة، فهذا لا يكون إلاّ عن طريق الملازمة، باعتبار أنّها لو لم تكن دمّيّة فهي بولية لا محالة، فتكون باقية، ولوازم الاُصول ليست حجّة، إذن، فالصحيح في المقام عدم وجود المعارض لهذا الاستصحاب الحاكم على استصحاب كلّي النجاسة.

وبهذا ينتهي الكلام عن كلّ الجهات التي أردنا تقديمها في الصورة الثالثة من الصور الاربعة لاستصحاب الكلي.

 

صورة العلم بالجامع ضمن فرد والشك في بقائه ضمن آخر

الصورة الرابعة: ما إذا علم بحدوث الكلّيّ من ناحية العلم التفصيلي بحدوث الفرد،


(1) كأنّ المقصود: أنّه لو لوحظت النجاسة نجاستين بأن تقصد قذارة البول العينيّة وقذارة الدم العينيّة، أو بأن تقصد نجاستين حكميّتين، إحداهما غير الاُخرى، كما هي كذلك بلحاظ مرحلة الجعل وفرض وجوب الغسل مرّة ووجوبه مرّتين مضافين إلى متعلقيّن، أي: غسل هذه النجاسة وغسل تلك النجاسة، أمكن القول ـ بقطع النظر عن الإشكال الذي مضى بيانه ـ بأنّ استصحاب عدم كلّ من النجاستين يعارض استصحاب عدم الاُخرى، ولكنّ الواقع: أنّ الكلام ليس في إزالة القذارتين العينيّتين، وقد يفترض زوالهما من قبل. وأمّا النجاسة الحكمية فهي بلحاظ مرحلة الجعل وإن كانت متعدّدة، ولكنّ الصحيح في باب استصحاب الحكم لدى تردّد المجعول بين الطويل والقصير هو النظر إلى الحكم بالحمل الأوّلي، أي: حمل هو هو، وبهذا المنظار تُرى النجاسة أمراً خارجياً واحداً لا يجري إلاّ استصحاب بقائها. أمّا استصحاب عدم النجاسة الدمّيّة بمعنى استصحاب عدم كون الملاقاة ملاقاة دمّيّة، فهو لا يجري؛ لأنّه لا ينفي أصل النجاسة للعلم به تفصيلاً، ولا بقاء النجاسة؛ لأنّه تمسّك بالأصل المثبت؛ إذ لا يثبت بقاء النجاسة إلاّ باعتبار أنّ انتفاء ملاقاة الدم يلازم ثبوت ملاقاة البول؛ لفرض العلم الإجمالي بإحداهما.