المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

363

واللغة الساذجة العرفية هي أن يقال: إنّ الجامع قد علمنا به في ضمن زيد الذي نقطع بانتفائه ولم نعلم به في ضمن فرد آخر حتّى يستصحب.

وبهذا انتهى الحديث عن الصورة الرابعة من استصحاب الكلّيّ، ولا بأس قبل أن نأتي على ختام هذا التنبيه الذي عقدناه لبحث استصحاب الكلّي أن نتعرّض لما يتراءى في بعض الكلمات أنّه قسم رابع لاستصحاب الكلّي غير الأقسام الثلاثة التي جرى عليها اصطلاح الشيخ الأعظم(رحمه الله)

 

القسم الرابع من الكلّيّ على غير اصطلاح الشيخ الأعظم

والمثال الذي طبّق عليه ذلك ما إذا تيقّنّا بالجنابة عند الصباح كما أنّه اغتسلنا عنها يقيناً، لكنّنا وجدنا في وقت متأخر أثر الجنابة على الثوب مثلاً ممّا أدّى إلى الشكّ في أنّه هل حصل بعد الغسل عن الجنابة الصباحية أو أنّه منها؟ فيشكّ على هذا الأساس في بقاء الجنابة التي يدلّ عليها هذا الأثر وعدمه.

وإنّما جعل هذا قسماً جديداً ـ كما عن السيّد الاُستاذ ـ(1) على اعتبار أنّه يعاكس القسم الثاني الذي كان اليقين فيه منصبّاً على الجامع وعنوان واحد له فردان يشكّ في أنّ الحادث هذا الفرد أو ذاك. أمّا هنا فاليقين قد انصبّ على فرد واحد وهو الجنابة التي نشير إليها عن طريق الأثر المرئي في الثوب، ولهذا الفرد عنوانان يتردد بينهما وهي الجنابة الصباحية والجنابة الناشئة من هذا المني، ولا يدري أنّ هذا الفرد هل هو فرد لكلا العنوانين، أو لأحدهما دون الآخر.

وأيّاً ما كان، فهل يلحق هذا بالقسم الثاني، فيقال فيه بجريان استصحاب الكلّي، أو يلحق بالقسم الثالث فيقال بعدم جريانه فيه؟

قد يقال بالأوّل على أساس أنّنا نعلم إجمالاً بجنابة ناشئة من هذا الأثر المرئي، ولا نعلم بارتفاعها على كلّ تقدير، فإنّها مرتفعة على تقدير كون الجنابة الصباحية هي الناشئة من هذا الأثر، وإلاّ فهي باقية وغير مرتفعة بالغسل السابق، إذن فيستصحب البقاء.

وقد ذهب إلى هذا السيد الاُستاذ، وادّعى جريان استصحاب كلّي الجنابة في المثال في نفسه ولا مانع منه إلاّ استصحاب الطهارة المتيقّنة بعد الغسل المتيقن، فتيعارضان


(1) راجع مصباح الاُصول: ج3، ص104.