المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

370

بقائه ضمن فرد وجزئي آخر مسبوق بالعدم، والمفروض عند المحقّقين عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم.

ثم لو فرض قيام الدليل والبرهان العقلي والفلسفي على وحدة مّا فهل يكفي ذلك في تصحيح جريان الاستصحاب مع عدم التفات العرف إلى مثل هذه الوحدة المبرهن عليها؟ أو لا يكفي؛ لأنّ خطاب الاستصحاب يُنزّل على المفهوم العرفي، فلا يشمل في مدلوله العرفي مثل هذه الصورة؟

الصحيح: أن يقال بأنّ النظر العرفي النافي للوحدة أو الشاكّ فيها تارة: يكون بلحاظ الوحدة لا وجود الواحد، بأن لا يعترف أو يشككّ في صدق الوحدة وتحقّقها، واُخرى يعني: أنّه لا يدرك وجود الواحد بحيث إنّه على تقدير وجوده يعترف بوحدته وعدم تعدّده، كما إذا فرضنا أنّ العرف لا يدرك وجود الملك لكننا أثبتناه ولو بقاعدة إمكان الأشرف، ففي مثل الثاني يجري الاستصحاب بلا إشكال؛ لأنّ العرف يسلّم بتحقّق الوحدة وأن هذا الملك بقاءً عينه حدوثاً، وإنّما هو لم يكن يدرك الوجود.

أمّا في الأوّل فلا جريان للاستصحاب؛ لأنّ العرف لا يرى الوحدة، فلا يرى من دليل الاستصحاب المشروط فيه الوحدة إطلاقاً لذلك، أو يراه مجملاً فيما إذا شكّ في الوحدة وعدمها.

 

مناشئ الوحدة الموضوعية

ولا بأس ونحن بعد في المقام الأوّل ان نبيّن مناشي الوحدة في الموضوع المعتبرة في الاستصحاب كضابطة عامة نرجع إليها في الموجودات القارّة وغير القارّة حسب اختلافها. فنقول: إنّ هنالك مناشئ عديدة كلّ منها صالحة لتحقيق الوحدة الموضوعية المعتبرة في الاستصحاب وهي:

1 ـ الثبات والقرار. فإنّ الموجودات القارّة تعتبر واحدة لها حدوث وبقاء، فتكون واحدة عقلاً وعرفاً.

2 ـ الاتّصال والتلاصق الحقيقي. فإنّ هذا ـ ايضاً ـ منشأ للوحدة عقلاً وعرفاً، فالحركة باعتبار اتّصالها عقلاً ودقّةً وعرفاً تعتبر أمراً واحداً ويجري فيها الاستصحاب.

3 ـ الاتّصال بالنظر العرفي الكاذب وغير المطابق للواقع. فإنّ هذا ـ أيضاً ـ يحقّق الوحدة التي تشترط في الاستصحاب من قبيل ما إذا فرضنا أنّ عقارب الساعة في دورانها