المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

376

وأمّا دعوى: أنّ هذا الجلوس لو كان فيما مضى من الزمان لكان نهارياً، فالآن كما كان، فهذا الاستصحاب التعليقي من الاُمور التكونية، أي: في القضية الشرطية التي شرطها وجزاؤها خارجيان معاً، فتكون الملازمة حقيقيّة وخارجية لا شرعية، ومثل هذا الاستصحاب التعليقي غير جار حتّى لو قيل بالاستصحاب التعليقي في الملازمات الشرعية على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

2 ـ أنّ لا يؤخذ الزمان بنحو التقطيع والتجزئة قيداً، كما لو اُخذت الساعة الاُولى قيداً مستقلاًّ، والساعة الثانية قيداً آخر وهكذا، والمفروض الشكّ في إحدى الساعات: هل هي من النهار الذي أُخذت ساعاته قيداً أو لا، فإنّه في مثل هذا لا يجري استصحاب المقيّد؛ لأنّه توجد هنا مقيّدات متعدّدة بتعدّد التقيّدات كما هو واضح.

وينبغي بعد هذا أن ندخل في التطبيقات لهذه الكبريات التي عرفتها لنرى ماذا يمكن استفادته من الاستصحاب حينما يكون الزمان مأخوذاً جزءاً أو قيداً فنقول:

إنّ الزمان بنحو مفاد كان التامة أو الناقصة تارةً يؤخذ في طرف التكليف أي في موضوع الحكم، فيكون من موضوع الوجوب أو شرطه، وطوراً يؤخذ في طرف الواجب. وعلى كلّ من التقديرين قد تكون الشبهة موضوعية، وقد تكون حكمية. ونحن الآن نتكلّم على افتراض الشبهة موضوعية.

فإذا كان الزمان مأخوذاً في طرف التكليف فهذا ـ كما أشرنا ـ قد يؤخذ على نحو مفاد كان التامّة كأن يقول: (إن كان الجلوس في النهار فتصدّق) أو (إن كان النهار فتصدق). وقد يفرض بنحو مفاد كان الناقصة، بأن يقول: (إن كان الجلوس في زمان يكون نهاراً فتصدّق) أو (إن كان الزمان نهاراً فصلِّ). فكلا الأمرين معقول ممكن. فما ذكره المحقق النائيني(رحمه الله)(1) من أنّ مفاد كان الناقصة لا يمكن أن يكون مأخوذاً في الحكم والوجوب؛ لأنّ معناه أن يكون الشرط في وجوب الصلاة مثلاً هو أن تكون الصلاة في النهار، وهذا من أخذ الواجب في الوجوب، وهو غير معقول غير صحيح؛ إذ ليس معنى أخذ مفاد كان الناقصة في طرف الوجوب أن يؤخذ الزمن في متعلق الوجوب وهو الواجب، والاصطلاح المألوف في أخذ مفاد كان الناقصة في موضوع الحكم هو ما ذكرناه الذي ليس مستلزماً لأخذ الواجب في طرف الوجوب، فكأنّ هذا المحقق(رحمه الله) يتكلّم وفق مصطلح آخر.


(1) راجع أجود التقريرات: ج2، ص402.