المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

377

وأيّاً ما كان فإذا أخذ الزمان في الوجوب وشكّ في تحقّقه فهذا يكون على نحوين:

الأوّل: أن يكون جزءً من الموضوع ولو بأن يكون جزءه الآخر هو المكلّف نفسه. وفي هذا الفرض يجري استصحاب الزمان المأخوذ جزءً ولو كان مأخوذاً بنحو مفاد كان الناقصة لما عرفت من عدم تمامية ما ذكروه في ذلك المقام من إشكال المثبتيّة.

الثاني: أن يكون شرطاً وقيداً للموضوع، كما لو كان الجلوس المقيّد بالنهار، أو بكون الزمان نهاراً موضوعاً للوجوب. وفي هذا الفرض لا يجري الاستصحاب لإشكال المثبتية، لا ذلك الذي تخيّل في موارد كون الزمان بنحو مفاد كان الناقصة، فإن ذاك الإثبات كان من ناحية تخيّل أنّ استصحاب النهار مثلاً لا يثبت كون هذا الزمان نهاراً، ولا استصحاب آخر يثبت ذلك. وأمّا هذا الإثبات فبلحاظ أنّ استصحاب القيد لا يثبت التقيّد بصورة أصلاً سواء كان الزمان قد اُخذ بنحو مفاد كان التامة أو الناقصة. وقد خلط المحقّق النائيني في المقام بين هذين الإثباتين(1). ولعلّه ناشئ من خلط سابق في أصل تصوير الزمان المأخوذ بنحو مفاد كان الناقصة.

إذن فلو كان الزمان قد أخذ بنحو مّا قيداً في موضوع الحكم لم يثبت باستصحابه موضوع ذلك الحكم.

نعم، لو كان المقيّد بما هو مقيّد ثابتاً في الحالة السابقة كما إذا كان الجلوس في النهار قد تحقق من قبل جرى الاستصحاب. وأمّا إذا حصل الجلوس في الوقت المشكوك فلا يمكن إثبات نهارية الجلوس باستصحاب بقاء النهار ولا باستصحاب نهارية زمان الجلوس.

وهذا الإشكال في هذه الصورة ممّا لا جواب عليه كبروياً، غير أنّه بالإمكان التخلّص عنه في كثير من الموارد في الفقه بإرجاع التقييد إلى التركيب بنكتة نوعيّة سوف يأتي بيانها ـ إن شاء الله تعالى ـ توجب أن يرى العرف التقييد منحلاًّ إلى التركيب، فلو جعل الجلوس في النهار موضوعاً لحكم فهمه العرف على نحو الانحلال إلى الجلوس في زمان وأن يكون ذلك الزمان نهاراً، فما دامت لم تقم قرينة لفظية أو عقلية على إرادة التقييد لا التركيب نفهم من أمثال هذه الصيغ التقييدية تركيباً، وعلى أساسه يكون الاستصحاب جارياً لا محالة؛ لعدم الاحتياج عندئذ إلى إثبات التقيّد.

ولولا هذه النكتة النوعية لبطل جريان الاستصحاب في أكثر الموارد، فمثلاً إذا شكّ في


(1) راجع أجود التقريرات: ج2، ص400.