المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

378

بقاء إطلاق الماء واُريد به التطهير، جرى استصحاب الإطلاق عند الفقهاء، في حين أنّ ذلك لا يثبت أنّ الغسل تحقق بالماء المطلق إلاّ أن يكون هنالك تحليل وتركيب في النظر العرفي إلى أن يكون الغسل بمائع، وأن يكون المائع ماءً، فيكون الجزء الأوّل وجدانياً، ويحرز الثاني بالتعبّد.

ثمّ إنّ المحقق الخرساني(رحمه الله)ذكر في المقام: أنّ الزمان لو كان دخيلاً في الوجوب لجرى فيه استصحاب الزمان واستصحاب المقيّد بما هو مقيّد، فكأنّه يرى أنّ كلا الاستصحابين يجريان في موضوع واحد(1). في حين أنّه ليس كذلك، بل كلّ منهما يجري فيما لا يجري فيه الآخر؛ إذ لو كان الزمان قيداً لموضوع الحكم لا يجري إلاّ استصحاب المقيّد لو كانت له حالة سابقة. وأمّا استصحاب الزمان فهو مثبت كما قلنا، ولو كان الزمان جزءً لموضوع الحكم جرى استصحاب الزمان ولم يجرِ استصحاب المقيّد؛ إذ الأثر ليس للمقيّد وإنّما هو لمجموع ذات المقيّد المحرز وجداناً والزمان المشكوك وجداناً والثابت تعبداً، فلا معنى لاستصحاب المقيّد.

هذا كلّه في الوجوب.

وأمّا إذا كان الزمان مأخوذاً في طرف الواجب وهو ـ لا محالة ـ يكون دخيلاً في الوجوب بوجه من الوجوه باعتباره من الاُمور غير الاختيارية، كما إذا وجب صوم النهار، أو صوم الوقت الذي هو نهار (الاُولى (كان) الناقصة والثانية تامّة) فالصحيح عدم جريان الاستصحاب فيه بوجه أصلاً، لا استصحاب الزمان ولا استصحاب المقيّد بما هو مقيد، فإذا كان نهار شهر رمضان دخيلاً في الواجب وصام المكلف إلى أن شكّ في انتهاء النهار وبقائه لم يجرِ استصحاب النهار ولا استصحاب الإمساك النهاري.

أمّا عدم جريان استصحاب المقيّد، أعني الإمساك الثابت في النهار، فتوضيحه: أنّ الشكّ في بقاء هذا القيد تارةً يبيّن في قضية تعليقية هي: أنّه لو بقى ممسكاً لكان ذلك إمساكاً نهارياً، واُخرى يبيّن بنحو القضية التنجزية، أي: إنّ إمساكه النهاري هل يبقى أو سوف ينقطع.

أمّا الأوّل فلا يجري الاستصحاب بلحاظه؛ لعدم جريانه في قضية تعليقية من هذا القبيل.

وأمّا الثاني فأيضاً لا يجري؛ لأنّه بالإمكان رفع الشكّ التنجيزي هذا باختيار نقض


(1) راجع الكفاية: ج2، ص317 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني في الحاشية.