المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

381

أمّا ذات المقيّد فالمفروض ثبوته بالوجدان.

وأمّا القيد وهو النهار فقد ثبت بالتعبّد.

وأمّا تقيّد الصوم بالنهار، أي: كون الصوم في النهار، فهذا ثابت بالوجدان؛ وذلك لأنّنا باستصحاب الزمان كما أثبتنا الزمان الواقعي تعبّداً كذلك أثبتنا الزمان التعبدي واقعاً ووجداناً، فيثبت كون الصوم في الزمان التعبدي بالوجدان(1).

ويرد على هذا الكلام:

أوّلاً: أنّ الاستصحاب إنّما يجري إذا ثبت أثر للمستصحب، ولا يجري لمجرّد ثبوت الأثر لذات الاستصحاب، وهذا الأثر في المقام إنّما يجري على ذات الاستصحاب؛ لأنّ المستصحب ليس إلاّ الزمان الواقعي دون التعبّدي.

وثانياً: أنّه لو ثبت التقيّد وجداناً لثبوت الزمان التعبدي وجداناً، وادّعينا أنّه مهما ثبت طرف التقيّد وجداناً ثبت التقيّد كذلك قلنا: لو صحّ هذا ثبت ـ أيضاً ـ أيّ عنوان انتزاعي ينتزع من الاُمور الثلاثة لثبوت منشأ انتزاعه بالوجدان بجميع أركانه الثلاثة، فلماذا فصّل بين ما يكون المطلوب فيه هو العنوان الانتزاعي أو منشأ الانتزاع؟!

وثالثاً: أنّ ثبوت الزمان التعبّدي بالوجدان لا يثبت الظرفية بالوجدان أبداً؛ إذ ليس الزمان التعبّدي الثابت بالوجدان بحسب الحقيقة زماناً آخر ليقع ظرفاً للصوم في قبال الزمان الواقعي الذي ثبت بالتعبد؛ إذ ليس الزمان التعبدي إلاّ عبارة عن التعبد بالزمان الواقعي، وهو ليس إلاّ جعلاً واعتباراً غير صالح للظرفية، فكيف يثبت بذلك كون الصوم في النهار، وهل هذا إلاّ تعويل على الأصل المثبت!

ورابعاً: أنّنا لو فرضنا أنّ القيد الواقعي للواجب هو الجامع بين الزمان الواقعي والزمان التعبدي، لزم من ذلك صحّة العمل واقعاً، وعدم وجوب إعادته في عمل بشرط وقوعه في ذلك الزمان عند انكشاف الخلاف فمثلاً لو ثبت وجوب التصدق في نهار مّا بنحو صرف الوجود، ولم نتصدّق إلى أن شككنا في بقاء النهار، وأثبتناه بالاستصحاب فتصدقنا، ثمّ انكشفت مخالفته للواقع، لزم من ذلك عدم لزوم الإعادة في يوم آخر. وهذا ما لا يلتزم به من قبل أحد.

ولو فرضنا أنّ القيد هو الزمان الواقعي فمجرّد ثبوت الزمان التبعدي بالوجدان لا يثبت


(1) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 157 بحسب طبعة آل البيت.