المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

385

جريان البراءة لا تجري قاعدة الاشتغال عند الشكّ في المقدرة.

وللجواب عن هذا الإشكال في الفرض الأوّل، أعني ما إذا كان التكليف بنحو مطلق الوجود نقول: إن دليل البراءة الشرعية ـ وهي التامّة عندنا لا البراءة العقلية ـ لا يشمل إطلاقه ما إذا لم يكن مصبّ الشكّ أصل التكليف، من دون فرق بين أن يكون مصبّه هو تحقّق الامتثال، كما لو شكّ في أنّه هل صلّى صلاته الواجبة أو لا، أو القدرة على الامتثال، كما لو احتمل سقوط التكليف بالعجز مع علمه بأصل التكليف، أو يكون مصبّه شيئاً آخر كثبوت قيد الواجب في ما نحن فيه بعد علمه بأصل الوجوب ولو ببركة استصحاب الوقت.

ولكن الجواب عن الإشكال في الفرض الآخر، أعني صرف الوجود لا ينحصر في هذا، بل هنا جواب آخر قبله، وهو: أنّ البراءة عن هذه الصلاة التي يؤتى بها في هذه الساعة بهذا العنوان لا معنى لها؛ إذ لا يحتمل وجوبها بما هي كذلك، وإنّما يحتمل وجوب الصلاة بين الحدّين، والبراءة عنه محكومة للاستصحاب.

هذا تمام الكلام في فرض الشك في بقاء الزمان بنحو الشبهة الموضوعية.

وأمّا إذا كان بنحو الشبهة الحكمية فقد ذكروا فيه أبحاثاً كلّها ترتبط بغير المقام ممّا مضى أو يأتي، فقد ذكروا فيه البحث عن صور ثلاث: صورة الشبهة المفهومية وتردّد المفهوم المأخوذ موضوعاً للحكم بين زمان قصير وطويل، وصورة تردّد الموضوع أساساً مع وضوح كلّ المفاهيم بين فترة قصيرة وفترة طويلة، وصورة العلم بكون الموضوع هي الفترة القصيرة، واحتمال كون الفترة الطويلة موضوعاً آخر للحكم.

وكلّ هذه الأحكام والأبحاث لا تختصّ بمسألة الزمان والزمانيات، وإنّما تدخل في مطلق البحث عن الشكّ في بقاء الموضوع، والذي سيأتي البحث عنه إن شاء الله.

وبحثوا ـ أيضاً ـ عن وجود معارض للاستصحاب هنا، وهو استصحاب عدم الوجوب بنحو عدم الجعل. وهذا كما ترى هو شبهة النراقي والسيد الاُستاذ التي مضى الحديث عنها بصورة مفصّلة، وعليه فالأجدر أن نختم هذا التنبيه بهذا المقدار.